وترى الصحفية الاستقصائية سييرا باسكوال ماركوينا أن ارتفاع حدة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في فنزويلا، خاصة خلال الأعوام الأربعة الماضية، أفسح المجال أمام رجال العصابات لاستهداف ضحاياهم عن طريق تقديم إغراءات تتعلق بتأمين فرص العمل لهم في الخارج، قبل أن ينتهي الأمر بهم بأشكال مأساوية تتراوح بين الاستغلال الجنسي، والاندماج القسري في الجماعات العسكرية غير النظامية، وسلب الأعضاء.

ظاهرة جديدة

وتقول ماركوينا، في تحقيق استقصائي نشرته مؤخرا في موقع “تحليلات فنزويلية”، إن بلادها ظلت تشكل حتى الأمس القريب مجرد “ممر ترانزيت” لحركة الاتجار بالبشر للراغبين في التنقل من دول مثل كولومبيا وجمهورية الدومينيكان إلى دولة ثالثة، بنسبة لم تستوجب قرع “نواقيس الخطر”، خلافًا لما وصل إليه الحال الآن.

وتشدد في هذا السياق على النقاط التالية:

  • الاتجار بالبشر يعتبر ظاهرة عالمية، ولكن النساء والفتيات الفقيرات اللواتي يعانين من العنصرية من جنوب الكرة الأرضية معرضات للخطر بشكل خاص.
  • عندما بدأت الأزمة بالوصول إلى كل ركن من أركان حياة الطبقة العاملة في فنزويلا، تجذرت شبكات الاتجار بالبشر في مختلف أنحاء البلاد.
  • لدى فنزويلا قوانين معمول بها لمكافحة الاتجار بالبشر، وقد اتخذ مكتب المدعي العام بعض الخطوات لمعالجة المشاكل، ولكن الوضع لا يزال حرجا.

مكافحة “العنف الذكوري”

من جهتها، حددت يلينا كاربيو، المنسقة القانونية لمنظمة “تينتا فيوليتا”، وهي منظمة نسائية تتبنى شعارات مكافحة العنف الذكوري، مصطلح الاتجار بالبشر بالتوصيفات التالية:

  • يُستخدم المصطلح لتحديد الحالات التي يتم فيها نزع الحرية والاستقلالية عن جسد الشخص من خلال القوة أو الاحتيال أو الإكراه.
  • يؤثر على الأطفال والمراهقين والبالغين، وكما هو الحال دائمًا في أي مجتمع ذكوري، فإن القصّر والنساء هم الأكثر عرضة للخطر.
  • يجرّد الاتجار بالبشر الضحايا من أبسط حقوقهم الإنسانية، فهم يفقدون سلامتهم الجسدية والنفسية، ويفقدون السيطرة على حياتهم، وفي بعض الحالات، تؤدي هذه الممارسة إلى وفاة الضحية.
  • يبدأ الاتجار بالبشر “بتجنيد” الضحية من خلال آليات مختلفة، من الخداع إلى الممارسة المباشرة للعنف.
  • يتم تجنيد معظم الضحايا من خلال مزيج من التلاعب والإكراه.
  • عندما نتحدث عن الاتجار بالبشر، فهذا يعني أيضًا العبودية الحديثة، حيث يتم بيع الضحايا الذي لم يسمع به أحد من قبل.

الحالة الفنزويلية الراهنة

يذكر أن فنزويلا تمر بأزمات معقدة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بحسب يلينا كاربيو، التي أشارت إلى أن “أصول هذه الأزمات متعددة، من الاعتداءات الخارجية إلى استنفاد النموذج الاقتصادي القديم”، موضحة أنه “بالطبع، في هذه الحالة، تحصل النساء دائمًا على الأسوأ”.

وأضافت كاربيو أنه “لسوء الحظ، لا توجد بيانات رسمية حول الاتجار بالبشر” في فنزويلا، فضلًا عن أن المنظمات الشعبية المحلية “لا تملك الموارد اللازمة لإجراء دراسات لتحديد عدد الضحايا ومدى انتشار شبكات الاتجار” في البلاد.

ولكنها أوضحت أن “الصورة البانورامية قاتمة للغاية”، لافتة إلى أن “عدد الفتيات والنساء اللواتي يقعن فريسة للاتجار ارتفع بشكل كبير”، وأن “وجهتهن غالبا ما تكون كولومبيا والبيرو والإكوادور، حيث يُجبر الكثير منهن على ممارسة الدعارة”.

ما هو الإطار القانوني الفنزويلي للاتجار بالبشر؟

  • يتضمن دستور فنزويلا نصا صريحا حول حقوق الإنسان، مما يعني أن مؤسسات الدولة مطالبة بالتحقيق مع أي شخص ينتهك حقوق الإنسان الخاصة بشخص آخر، ومقاضاته، ومعاقبته.
  • عندما يتعلق الأمر بمسألة الاتجار بالبشر، هناك العديد من القوانين ذات الصلة، مثل “قانون حق المرأة في حياة خالية من العنف“، و”قانون مكافحة الجريمة المنظمة”.
  • بالإضافة إلى ذلك، فإن “قانون حماية الضحايا والشهود” ذو صلة أيضا.

يذكر أن إدارة الرئيس نيكولاس مادورو أعلنت مؤخرًا أن لديها خطة لمكافحة الاتجار بالبشر، ولكنها لم تكشف عن تفاصيلها لغاية الآن.

ويشار أيضا إلى أنه على الرغم من توفر الأدوات القانونية، فإنه لا توجد في فنزويلا خارطة طريق واضحة لمعالجة الاتجار بالبشر، وخصوصًا في مجال تدريب الشرطة والمؤسسات الأمنية الأخرى على أساليب التعاطي مع هذا النوع من الإجرام.

وتقول يلينا كاربيو، المنسقة القانونية لمنظمة “تينتا فيوليتا”، في هذا السياق: “كما هو الحال الآن، داخل قوات الشرطة، يسود المنطق الذكوري، لذلك يمكن للمرء أن يسمع أشياء مثل، ‘ذهبت إلى كولومبيا لممارسة الدعارة لأنها أرادت ذلك‘.. في الواقع، يميل المجتمع ككل إلى إعادة تصوير الضحايا. وبالإضافة إلى ذلك، لا تدرك الضحية نفسها في بعض الأحيان أنها تخضع للعبودية الجنسية لأنها عالقة في علاقة نفسية وعاطفية مع خاطفها أو القواد”.

وتختم كاربيو بالقول: “عندما يتعلق الأمر بالاتجار بالبشر، يجب أن تعزز الحملة الوطنية الواسعة النطاق أيضًا تحولًا ثقافيًا، بدلًا من إعادة إيذاء الضحايا، ويجب تشجيع المجتمعات على بناء شبكات رعاية لحماية أنفسهم”.

skynewsarabia.com