وفوق ذلك، أصبح هؤلاء دون أية عوائد مالية شهرية كانوا يحصلون عليها من الحكومة السابقة، بينما يشعرون بقلق بالغ على عائلاتهم المتبقية داخل البلاد، بسبب انتقام متوقع من قِبل حركة طالبان، بالذات لأنهم دعوا في فترات سابقة إلى مقاومة الحركة داخليا وعدم الاعتراف بها خارجيا.

ومع كل ذلك، لا يستطيعون الحصول على حق اللجوء السياسي بسهولة، لأن ذلك قد يجر عليهم تبعات مستقبلية من قِبل طالبان.

أحد هؤلاء الدبلوماسيين كان يعمل في القسم التجاري للسفارة الأفغانية في العاصمة الهندية نيودلهي، والذي رفض الكشف عن اسمه، شرح في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”، أوضاعه مع باقي زملائه الدبلوماسيين.

وقال: “منذ أسبوعين على الأقل، نفضل عدم تلقي أية رسائل إلكترونية، لأنها ربما تتضمن دعوتنا للعودة إلى أفغانستان، وهو أمر لا نستطيع تنفيذ بأي شكل، خشية على حياتنا الشخصية، وطبعا على ما قد تتعرض له عائلاتنا. فجميع الدبلوماسيين يعيشون نوعا من التواري عن مزاولة العمل أو أي نشاط”.

وتابع: “فقط في الولايات المتحدة والدول الأوربية يشعر الدبلوماسيون الأفغان بنوع من الأمان، لأن عملية الحصول على اللجوء السياسي والضمان الاجتماعي مؤمنة غالبا من قِبل تلك الحكومات، أما المئات الآخرين منهم في الدول الأخرى، يشعرون بقلق بالغ، لأن الحصول على اللجوء السياسي ليس أمرا مُيسرا”.

واستطرد موضحا: “لأن أغلب هذه الحكومات ستأخذ علاقتها مع حركة طالبان بالحُسبان، وحتى لو حصلنا على ذلك الحق، فإن مستويات المعيشة والضمان الاجتماعي والصحي ستتراجع تماما، مما سيؤدي لانهيار عائلاتنا وأشكال حياتنا غالبا”.

وكان القائم بأعمال وزير الخارجية الأفغاني بالوكالة، الملا أمير خان متقي، قد صرح في وقت سابق بأن وزارته بعثت رسائل إلى جميع السفارات الأفغانية، مطالبة الدبلوماسيين الأفغان بمواصلة العمل.

لكن أغلبية شاملة من الدبلوماسيين الأفغان رفضوا ذلك الطلب، مذكرين بأن “حركة طالبان تسعى لاستخدامهم لترويج خطابها واستراتيجيتها، بالذات للحصول على الاعتراف الدولي وخلق آليات للحصول على المساعدات الدولية”، معتبرين أن “هذا الطرح بالتعاون هو مؤقت فحسب، وأن الحركة ستسعى مستقبلا لتغيير كامل الطواقم بأفراد تابعين لها”.

وتقول أرقام غير مُدققة، إنه ثمة حوالي 3 آلاف دبلوماسي وموظف يعملون في السفارات والقنصليات الأفغانية في الخارج، هم حصيلة جهد كبير من التعليم والتدريب الذي بذلته الحكومة الأفغانية منذ عام 2001، عقب الغزو الأميركي لأفغانستان.

فخلال مرحلة الحكم الأولى لحركة طالبان لأفغانستان (1996-2001)، لم يكن ثمة مؤسسة دبلوماسية خارجية أفغانية، وبعد الاعتراف الدولي بحكومة الرئيس حامد كرزاي وقتئذ، صارت تنمو هذه المؤسسة بالتقادم، حيث صارت السفارات والقنصليات الأفغانية منتشرة في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك دول القارتين الإفريقية والأميركية الجنوبية.

الباحث والخبير الأمني الأفغاني، تمارغي هسدران، شرح في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”، التعقيدات المتعلقة بحصول هؤلاء الدبلوماسيين الأفغان على حق اللجوء والإقامة في دول وجودوهم.

وقال: “من حيث المبدأ، فإن تقدم هؤلاء بطلبات اللجوء يعني قطع صلتهم بأفغانستان، وبممتلكاتهم وعائلاتهم ومصالحهم، وحتى الوثائق التي تثبت مستوياتهم العلمية وتحصيلهم المعرفي، هذا غير ما قد تتعرض له عائلاتهم المقربة من ضغوط”.

وتابع هسدران حديثه: “لكن الأهم هو خيارات هذه الدول نفسها، فالكثير منها لن تمنح ذلك الحق لأنها تسعى للحفاظ على حلقة وصل مع حركة طالبان، ولا تريد تصعيدا مطلقا معها، قد يصل لدرجة الصدام”.

وأضاف: “الأمر الآخر يتعلق بمصالح هذه الدول، فثمة الآلاف من الاتفاقيات الاقتصادية والدبلوماسية والثقافية وحتى السياسية التي ربطتها هذه الدول مع الحكومة الأفغانية السابقة، وتسعى لأن تُجبر حركة طالبان للالتزام بها، وخلو السلطة الجديدة من إدارة دبلوماسية، سيُفقد هذه الدول تلك الإمكانية”.

فعليا، تقدم العشرات من الدبلوماسيين الأفغان بطلبات لجوء سياسي، خصوصا في دول المنظومة الأوربية والولايات المتحدة، لكن مراقبين يعتقدون أن الأغلبية الواضحة من الدبلوماسيين الأفغان ينتظرون قرار الأمم المتحدة بشأن تسليم مقعد أفغانستان لحركة طالبان، وهو أمر إن لم يتم، فإن هؤلاء الدبلوماسيين سيحظون بحماية دائمة، وإمكانية الوصول إلى الأموال الأفغانية المجمدة، إلى جانب إمكانية تمثيل أية بقعة من أراضي أفغانستان، فيما لو خرجت من سيطرة حركة طالبان.

skynewsarabia.com