وحذرت تقارير دولية من تفاقم الوضع الإنساني الخاص باللاجئين الأوكرانيين في الدول الأوروبية، خاصة أن التدفقات سريعة جدًا وعشوائية، ما وصفته الأمم المتحدة “أسرع أزمة متنامية للاجئين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية“.
وتتوقع السلطات والأمم المتحدة أن يزداد تدفّق اللاجئين في وقت يواصل الجيش الروسي تقدّمه في أوكرانيا، مع استمرار القتال حول العاصمة كييف.
وتجاوز عدد من وصلوا من أوكرانيا إلى بولندا هربا من الاجتياح الروسي إلى مليون شخص، وفق ما أفاد به حرس الحدود البولنديون.
وفي الرابع من مارس الجاري أجمع وزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل على ضرورة توفير حماية مؤقتة للأوكرانيين الهاربين من الحرب في بلادهم، وذلك من خلال اللجوء إلى مذكرة تعود إلى العام 2001 تسمح لهم بالبقاء لمدة تصل إلى 3 سنوات في الاتحاد الأوروبي وبالعمل فيه.
إلا أن بريطانيا بقيت متحفّظة فيما يتعلق بتدفق الأعداد إليها، وأعلنت حكومة لندن أنها لا تستطيع فتح أبواب المملكة أمام اللاجئين بشكل كامل، وذلك ردًا على تعرضها للانتقاد من جانب فرنسا بـ”افتقار الإنسانية”.
27 ألفًا في ألمانيا وحدها
وسجّلت الشرطة الألمانية الاتحادية حتى الآن وصول 27 ألفًا و491 من لاجئي حرب أوكرانيا إلى ألمانيا منذ بدء الحرب، جاء ذلك وفقًا لما ذكره متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية في برلين، لافتًا إلى إمكانية أن يكون العدد الحقيقي للاجئي الحرب من أوكرانيا أكبر من ذلك بشكل ملحوظ لأن بيانات الشرطة الاتحادية تعكس فقط جزءًا من عدد اللاجئين القادمين بسبب عدم وجود إجراءات رقابية على الحدود.
لا يحتاج الأوكرانيون لتأشيرة دخول (فيزا) للسفر إلى دول الاتحاد الأوروبي ومن بينها ألمانيا، وبالتالي يمكن للنازحين الأوكرانيين السفر ودخول جميع دول الاتحاد الأوروبي والإقامة فيها لمدة 90 يومًا دون فيزا، بشرط أن يحمل المسافر جواز سفر بيومتري، ونظرًا للوضع الحالي والحرب في أوكرانيا، يُسمح للنازحين بعبور الحدود من دون جوازات سفر أيضًا.
ويعبر اللاجئون الحدود إلى الدول المجاورة في الغرب مثل بولندا ورومانيا وسلوفاكيا وهنغاريا ومولدوفا.
هل تكفي الإجراءات السريعة؟
يرى المراقبون أن الدول الأوروبية كانت مضطرة في اتخاذ إجراءات سريعة تتعلق باللاجئين الأوكرانيين مع بداية الأزمة وتفاقمها بشكل متسارع، لكنهم يعتقدون أيضًا أن الدول الأوروبية ستعاني صعوبات وأزمات فيما يتعلق بتنظيم التواجد وإدارة شؤون اللاجئين مستقبلًا، خاصةً أن أوروبا تعاني منذ سنوات من تدفقات الهجرة التي زادت لحد غير مسبوق منذ عام 2011.
وفي السياق، يقول رئيس المركز الأوروبي للدراسات والاستخبارات جاسم محمد لـ”سكاي نيوز عربية” إن الأعداد التي تم الإعلان عنها من جانب مفوضية اللاجئين تشير إلى أن موجة الهجرة من أوكرانيا ستتجاوز أضعاف المهاجرين إلى أوروبا على مدار السنوات الماضية، وهو ما يعني أن الأمر سيكون له تداعيات خطيرة مستقبلًا.
ويقول محمد إن “التقديرات تشير إلى تجاوز عدد اللاجئين 5 أو 6 ملايين جراء الأزمة الأوكرانية”، مشيرًا إلى أن الإجراءات السريعة لا تمكّن الدول من فحص ملفات اللاجئين وبعضهم يصل دون أوراق.
ويعتقد الخبير الأوروبي، أن الاتحاد ليس لديه أي استراتيجية في التعامل مع أوضاع اللاجئين، وظل منقسمًا على نفسه لسنوات مضت بخصوص هذا الملف، مشيرًا إلى أن الأزمة تشهد تفاقمًا كبيرًا منذ عام 2015، ولا تزال قائمة حتى اليوم فيما يتعلق بإدارة شؤون اللاجئين وتوزيعهم.
ويوضح محمد أن ألمانيا فتحت أبوابها أمام اللاجئين الأوكرانيين بشكل كبير منذ بداية الأزمة، في إطار استراتيجية شاملة لدعم أوكرانيا سواء في مجال الدفاع أو على المستوى الدبلوماسي والإنساني، فيما يرى تناقضًا في الموقف البريطاني الذي اتسم أيضًا بالقوة في تعزيز الموقف الأوكراني ودعمه، لكنه رفض استقبال اللاجئين بأعداد كبيرة.
أزمة الهاربين في الداخل
وعلى نحو متصل حذرت الأمم المتحدة أيضًا من أزمة النازحين داخل أوكرانيا، ولم يغادروا الحدود، حيث قدّرت فرار 160 ألف شخص على الأقل من الحرب في أوكرانيا ونزوحهم داخل بلادهم.
ويعتقد الاتحاد الأوروبي أن هذا الرقم قد يرتفع إلى 7 ملايين وأن 18 مليون أوكراني سيتأثرون بالحرب.
وقال المفوض الأوروبي للمساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات جانيز ليناركيتش إنه “على الرغم من أن هذه تقديرات تقريبية للغاية، فإن الأرقام ضخمة وعلينا الاستعداد لمثل هذا النوع من الطوارئ الذي له أبعاد تاريخية”.
ويتواصل الاجتياح الروسي لأوكرانيا للأسبوع الثاني، حيث ركّزت القوات الروسية ضغطها على كبريات المدن الأوكرانية، بينما تفاقمت الأوضاع الإنسانية للمدنيين بسبب تعثر اتفاق وقف إطلاق النار لفتح ممرات آمنة في عدة مدن محاصرة.