في ظل الإكراهات المرتبطة بتثمين العديد من المنتجات الفلاحية، يعول آلاف المزارعين الصغار والمتوسطين بجهة بني ملال خنيفرة على زراعة الشمندر السكري لتحسين ظروف عيشهم، كما يأملون مواكبة حقيقية على امتداد مراحل الإنتاج من خلال تنفيذ مختلف إجراءات وأهداف البرامج المتعلقة بعمليات التموين والزرع والسقي والجني.

البوهالي مستريح، من فلاحي منطقة بني موسى، قال في تصريح لهسبريس: “إن زراعة الشمندر السكري تسهم بشكل كبير في تحسين مستوى عيش فئة عريضة من الأسر المقيمة في العالم القروي، كما تحافظ على خصوبة التربة وعلى توفير أعلاف للماشية على خلاف باقي السلاسل غير المنظمة، والتي تفتقر إلى الدعم”.

واعتبر البوهالي سلسلة الشمندر السكري بالجهة “رافعة للتنمية المحلية (… ) وبدونها تصعب على الفلاح مواكبة باقي السلاسل الأخرى، بالنظر إلى مردوديتها”، مؤكدا أن ما تحقق على مستوى هذا القطاع خلال السنوات الأخيرة فاق بكثير الأهداف المسطرة لهذه السلسلة في إطار المخطط الفلاحي الجهوي لجهة بني ملال – خنيفرة، ومشيرا إلى أن مختلف الزراعات التضامنية تضررت بفعل التدابير التقليدية المتخذة على مستوى التثمين والتسويق، عدا زراعة الشمندر السكري التي تطورت بفعل اعتمادها على أبحاث التكنولوجيات المستجدة، وعلى سياسة اجتماعية مندمجة تجعل من الفلاح شريكا في منظومة الإنتاج.

وقال البوهالي في تصريح أدلى به لهسبريس: “إن تزايد عدد الراغبين في التعاطي لزراعة الشمندر السكري جاء نتيجة المواكبة المستمرة للفلاح، بدءا من عملية التموين فالزرع والسقي والجني، وتحفيزات شركة كوسومار التي شكلت قاطرة للرفع من المستوى الاجتماعي للمزارعين في القرى، كما حافظت على صيرورة الإنتاج على صعيد منتجات فلاحية أخرى”.

وأكد المتحدث في التصريح ذاته أن ضمان التسويق وتوظيف الرقمنة في سلسلة الشمندر السكري، والاعتماد على التكنولوجيات الحديثة والاستمرار في دعم الفلاح، كان وراء هذه الطفرة التي حققتها شركة كوسومار بشراكة مع المزارعين في ظل تراجع مردودية زراعة الحبوب والحوامض بسبب إشكالات التسويق وشح مياه السقي.

ومما جاء في تصريح المتحدث ذاته أن إغراءات السلسلة حفزته ليكون من ضمن المزارعين الذين يراهنون على بلوغ إنتاج يصل إلى 180 طنا في الهكتار، مشيرا إلى أنه في العام الماضي حقق إنتاجا يتراوح ما بين 130 و160 طنا في الهكتار بفضل التطبيق الرشيد لتوصيات اللجنة التقنية ومراكز التوجيه والإرشاد الفلاحي، والدعم المادي والمعنوي لشركة كوسومار.

وبقدر ما شدد البوهالي على أهمية التحفيزات وتشجيع ريادة الإنتاج والمنافسة بين المزارعين، وعلى ضرورة الحفاظ على البعد الاجتماعي لشركة سوتا، المتجسد في الدورة الاقتصادية الشاملة لزراعة الشمندر السكري، وعلى دعم مبادرات الحفاظ على سلامة البيئة والمشاريع الفلاحية النموذجية وورشات التكوين والتأطير الفلاحي، بالقدر ذاته أعرب عن تخوفه من إمكانية الحفاظ على المكتسبات المحصلة من سلسلة الشمندر السكري في ظل ارتفاع سعر مواد الإنتاج بشكل صاروخي (الماء الكهرباء الأسمدة اليد العاملة، المبيدات) على عكس سعر “قالب السكر” الذي ظل مستقرا لمدة تزيد عن 15 سنة، حسب قوله.

وفي التصريح الذي أدلى به لهسبريس اعتبر البوهالي ندرة مياه سد بين الويدان وأحمد الحنصالي، وعدم استخلاص الديون المستحقة لدى الفلاح، “من العوامل الأساسية التي أسهمت في تأخير عملية إطلاق مياه السقي للمزارعين، ما يشكل عائقا في نمو نبتة الشمندر السكري، ويؤثر سلبا على الإنتاجية بحوالي 40 في المائة”، مضيفا أن “الحلول المقترحة لتجاوز هذه الإكراهات هي تأخير عملية الجني خلال موسم 2020/2021 من أجل استدراك النقص المتوقع في الإنتاج”.

وأبرز المزارع ذاته أن “من بين العناصر التي أسهمت في كساد وتلف نسبة ضئيلة من منتج سلسلة الشمندر السكري لدى عدد من المزارعين، خلال الموسم الفارط، ارتفاع درجة الحرارة بشكل مفرط واستثنائي، ومحاولة الرفع من المساحة المزروعة جراء توسيع الطاقة الاستيعابية، دون تحقق ذلك بسبب جائحة كورونا؛ فضلا عن ندرة المياه السطحية والجوفية، واستغلال حصة مياه الشمندر السكري في سقي سلاسل أخرى، والتراخي في مواكبة المنتج من حيث الصيانة والمداواة”.

من جانبه، أعتبر آحساين رحاوي، مدير المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي، أن “سلسلة الشمندر السكري تلعب دورا محوريا في النسيج الاقتصادي من خلال خلق حوالي 3 ملايين يوم عمل سنويا على المستويين الفلاحي والصناعي وتحقيق رقم معاملاتي يفوق 850 مليون درهم سنويا”.

وقال المسؤول ذاته إنه رغم الوضعية الصعبة للموارد المائية بكل من سدي بين الويدان وأحمد الحنصالي، وقلة التساقطات المطرية بداية موسم الزرع، فقد تم الموسم الحالي إنجاز 10.000 هكتار من الشمندر (80 في المائة) من البرنامج المسطر، وذلك بفضل التدابير والإجراءات التي اتخذتها اللجنة التقنية الجهوية للسكر.

وتخص هذه الإجراءات، وفق المسؤول ذاته، تجميع عمليات الزرع والسقي وتوجيه هذه الزراعة إلى المناطق المسقية بالري الموضعي، وكذا المتوفرة على المياه الجوفية الكافية، ومواكبة المنتجين من طرف لجن محلية في ما يتعلق بعمليات محاربة الحشرات والأعشاب الضارة والأمراض الطفيلية والتسميد وأعمال الصيانة بصفة عامة.

وأكد المتحدث ذاته أن هذه الزراعة توجد في حالة صحية جيدة وتعرف نموا طبيعيا جد متميز، وذلك بفضل أهمية وانتظام كمية الأمطار المسجلة مند بداية فصل الشتاء والمجهودات المبذولة من طرف المنتجين وجميع المتدخلين، مشيرا إلى أن النتائج الأولية لأخذ العينات التي تم إنجازها منتصف شهر مارس تبشر بموسم شمندري متميز، بحيث من المرتقب أن يصل الإنتاج الإجمالي خلال هذا الموسم إلى ما يقرب 700 ألف طن من الشمندر السكري.

جدير بالإشارة إلى أن سلسلة الشمندر السكري على صعيد جهة بني ملال – خنيفرة تسهم بحوالي 26 في المائة من الإنتاج الوطني للسكر، وتضطلع بدور هام في تنمية الاقتصاد المحلي والجهوي، ما جعلها تحظى بأهمية خاصة في إطار المخطط الفلاحي الجهوي، وباهتمام وتتبع دائمين من طرف اللجنة التقنية الجهوية للسكر، المكونة من المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لتادلة، وجمعية منتجي الشمندر السكري، ومعمل وحدة سوتا لإنتاج السكر بأولاد عياد.

hespress.com