ينتمي مركز خميس آيت موسى إلى نفوذ الجماعة الترابية “سيدي عبد الله البوشواري”، الواقعة بالدائرة الجبلية لإقليم اشتوكة آيت باها، ويتميز بموقعه الاستراتيجي وبمؤهلاته المتنوعة، والوصول إليه متاح عبر محاور طرقية عدة، أغلبها مصنفة، من آيت باها عبر إفرض، أو آيت ميلك عبر إفرض، أو آيت ميلك عبر آيت إعزا، أو أربعاء آيت أحمد بتزنيت عبر دوار الدير، أو تنالت عبر أوكنز، وكلها محاور معبدة جعلت من الوصول إلى آيت موسى أمر يسيرا.

سهولة الوصول إليه وتعدد المحاور الطرقية المؤدية إليه، رغم طابعه شبه الجبلي، تجعل من “آيت موسى” مركزا منفردا بتلك الخصوصية التي تنضاف إليها معطيات طبيعية متنوعة قلما نجدها مجتمعة في مركز، على الأقل في إقليم اشتوكة آيت باها؛ فواحة “تازايوت” الممتدة على مئات الهكتارات، ووادي “انكارف”، وأشجار الأركان والأشكال التضاريسية، مؤهلات أضحى استغلالها موضع مساءلة الفاعل الجمعوي والمنتخب والساكنة على حد سواء.

الزائر إلى هذه المنطقة سيكتشف دون أدنى جهد نشاطا اقتصاديا محدودا، يتجلى أساسا في بضع محلات للبقالة، ومقهيين يتيمين لا يوفران أدنى المتطلبات. ولعل الركود التجاري بالمركز راجع إلى ضعف الكثافة السكانية المستقرة به، بفعل عامل الهجرة؛ فاستثناء الحركة التي ترافق فتح بعض الأوراش التنموية، والتي تحرك يدها العاملة الوضع التجاري، والسوق الأسبوعي الذي يستقطب عددا قليلا من ساكنة الدواوير المجاورة، يبقى الوضع الاقتصادي راكدا، لا سيما إذا أضفنا إليه غياب أية فرص شغل مباشرة أو غير مباشرة.

واحة “تازايوت” التي كانت، وفق روايات شفهية، المصدر الأساسي للمعيش اليومي للساكنة المحلية، بفعل استغلالها زراعيا في توفير الخضر والحبوب وبعض الفواكه، يلاحظ المرء اليوم حجم الاندثار الذي تتعرض له؛ إذ جرى إهمالها من طرف المزارعين أنفسهم قبل أية جهة أخرى، وتتعرض مستغلاتها للإتلاف وغياب العناية، التي يزيد من وطأتها شح مصادر مياه الري، فتحولت مئات الهكتارات إلى شبه صحراء قاحلة.

لحسن الوسعي، رئيس الجماعة الترابية سيدي عبد الله البوشواري، قال ضمن تصريح لهسبريس إن المعطيات الاقتصادية والديمغرافية والاجتماعية تغيرت بالفعل بين الأمس واليوم؛ فـ”عدد الساكنة انخفض، والأمر نفسه بالنسبة للحجم الأسري، وتراجعت الفئات النشطة، ومعدل الهشاشة مرتفع، كما أن النسيج الاقتصادي يتمحور أساسا حول القطاع التجاري، وكان للمركز إشعاع واسع بالإقليم، يقصده المتبضعون من مختلف المناطق والجماعات المجاورة”.

وأضاف المسؤول المنتخب أن “الجماعة واعية بحجم الإكراهات والخصاص في مختلف البنيات الأساسية، والمجلس صادق مؤخرا على مشروع تصميم نمو مركز خميس آيت موسى، وفي انتظار إنهاء مختلف مراحله والمصادقة النهائية عليه، سيتحول المركز إلى مشتل تنموي وستتغير معالمه نحو الأفضل، خاصة بالاستفادة أولا من الشبكة الطرقية الهامة التي تربطه بالمحيط الخارجي، ومن مخرجات تصميم النمو لتهيئته في مختلف الجوانب”.

وأبرز المتحدث أن “طبيعة المجال وإكراهاته ومعطياته الاقتصادية والديمغرافية والاجتماعية، كلها دعامات من أجل الرفع من جاذبية المركز والمساهمة في التنمية المحلية، إضافة إلى تثمين المؤهلات التي يزخر بها، ولا سيما واحة تازايوت التي تشكل جزء مهما من هذا التصميم، علاوة على تأطير وضبط الحركة العمرانية والتحكم فيها، والحفاظ أساسا على هوية والطابع القروي للمركز، إلى جانب توفير وثيقة ستشكل أرضية لدعم وتأسيس البنيات التحتية والمرافق العمومية ومرجعا يستند إليه في دراسة طلبات رخص البناء”.

واعتبر رئيس الجماعة أن “الضرورة تستوجب تشجيع الفلاحة واستغلال الأراضي الزراعية والغابوية في تنشيط المجال السياحي وتوفير مصادر للدخل بالنسبة إلى الساكنة المحلية، فمركز خميس آيت موسى يزخر بمؤهلات سياحية يمكن استغلالها في تنشيط هذه القطاع: مناظر طبيعية تجمع بين الواحة والوادي والجبال والطبيعة الطبوغرافية، إضافة إلى الموروث الثقافي والعلمي المتمثل في المدرسة العتيقة سيدي إعزا ويهدا، والعادات والتقاليد المحلية”.

هو مركز بموقع استراتيجي ومؤهلات متنوعة وواعدة، أبرزها كونه إحدى البوابات المهمة لإقليم تزنيت، لا سيما منتجع “عين بوتبوقالت” بجماعة أربعاء آيت أحمد، بالإضافة إلى أنه يقع في الطريق إلى أشهر مدرسة عتيقة بالمغرب “مدرسة سيدي الحاج الحبيب” بجماعة تنالت، إلى جانب مناظره الطبيعية، وكل ذلك من شأنه أن يشفع في توطين مشاريع ومرافق وتهيئة السوق وتوفير الخدمات الأساسية للساكنة، وهو ما يمكن أن يتحقق بعد إنهاء مختلف مراحل إعداد تصميم نمو المركز والترافع لتوفير المصادر التمويلية اللازمة لذلك.

hespress.com