تستعد الأحزاب الثلاثة المكوَّنة لفيدرالية اليسار الديمقراطي، وهي الاشتراكي الموحد والطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي، للاندماج فيما بينها، بعد أن أوصت بذلك الهيئة التقريرية للفيدرالية.
ومن المرتقب أن تندمج الأحزاب اليسارية الثلاثة في أجل أقصاه ستة أشهر بعد الانتخابات التشريعية لسنة 2021، حسب ما أوصت به هيئتها التقريرية. ومن المنتظر أن تحلّ الأحزاب المذكورة نفسها عبر مؤتمرات استثنائية، قبل عقد المؤتمر الذي سيتم فيها اندماجها بشكل رسمي.
وتطمح أحزاب فيدرالية اليسار، من خلال اندماجها المرتقب، إلى “تقديم بديل سياسي متكامل لتجاوز الأزمة التي تعرفها بلادنا”، وفق تعبير نبيلة منيب، الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد.
وأشارت منيب، في تصريح لهسبريس، إلى أن بلورة قرار الاندماج سيجري الشروع فيه مباشرة بعد الانتخابات التشريعية المقبلة.
وكان أحزاب “الاشتراكي الموحد” و”الطليعة الديمقراطي الاشتراكي” و”المؤتمر الوطني الاتحادي” قد شكّلت تحالفا فيما بينها تحت يافطة “فيدرالية اليسار الديمقراطي”، في أواخر شهر يناير سنة 2014، كخطوة لـ”إعادة بناء اليسار المغربي”.
ويظهر أن الثمار التي رامت الأحزاب الثلاثة جنيها من خلال تحالفها تحت مظلة الفيدرالية لم تتحقق؛ وهو ما أكدته نبيلة منيب، جوابا عن سؤال بهذا الخصوص، بقولها: “يمكنك القول إن التحالف لم يعط كل ما كان متوقعا منه؛ ولكنّ خطوة الاندماج لا تعني فشل تحالفنا الحالي، بل نطمح إلى تحقيق أهداف أكبر”.
وأضافت القيادية اليسارية: “نحن بصدد عملية جديدة لبناء اليسار وتشكيله، بعد انتكاسة التيارات الإسلاموية ونهاية الأحزاب الإدارية، وما عشناه من إفراغ الحقل السياسي من السياسة”، مردفة: “طموحنا الأكبر هو إعادة الثقة إلى المواطن في العملية السياسية”.
وبالرغم من تحالف الأحزاب الثلاثة المكوِّنة لفيدرالية اليسار الديمقراطي، فإن الفيدرالية لم تحصل سوى على مقعدين في الانتخابات التشريعية لسنة 2016؛ غير أن نبيلة منيب ترفض وجهات النظر التي تقول بأن اليسار فَقَدَ القدرة على التغلغل في المجتمع وإقناع المواطنين بمشروعه السياسي وبرنامجه الانتخابي.
وقالت: “ضعف اليسار اليوم يرجع إلى أسباب عديدة؛ فغداة الاستقلال كان اليسار الذي خرج من رحم الحركة الوطنية قويا، وكان يتشكل من نخبة سياسية مثقفة وقوية، ولكنه عانى بعد ذلك، خلال سنوات الرصاص من القمع الشرس، وتلا ذلك الإجهاز على المنابع التي كانت تغذي اليسار، من خلال إضعاف المدرسة والجامعة، ومنع تدريس الفلسفة ومحاربة العقلانية”.
منيب ربطت تراجع اليسار المغربي كذلك بالسياق العالمي الذي أعقب سقوط جدار برلين عام 1989، وما واكبه من “تسيُّد المحافظين الجدد على العالم، ووضعوا آليات المشروع النيوليبرالي من أجل تركيع الشعوب عبر إغراق الدول في المديونية ودفعها إلى خوصصة القطاعات العمومية لتسديد ديونها”.
وتضيف الفاعلة السياسية البارزة بأن شعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لجأت، كرد فعل منها على الأزمة التي تتخبط فيها، إلى الانسياق وراء شعار “الإسلام هو الحل”، الذي ترفعه الحركات والأحزاب السياسية؛ “ولكن هذا الكلام ليس عقلانيا”، تقول المتحدثة.
وبالرغم من أن اليسار المغربي يوجد حاليا في لحظة ضعف، فإن الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد تشدد على أنه “قادر على أن ينهض من جديد؛ لأن هناك وعيا شعبيا متناميا بضرورة عودة اليسار، وهذا يتطلب نكران الذات والتشبث بالقيم والابتعاد عن الأنانية التي غزت اليسار”.