قال عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، إن استقبال زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية من طرف إسبانيا يهدد بفقدان الثقة بين المغرب وبينها، وهو ما يتطلب، بحسبه، اتخاذ قرارات تحافظ على تلك الثقة في العلاقات الثنائية.
وأوضح أخنوش، ضمن مقابلة مع صحيفة “إلموندو” الإسبانية، أن للمغرب وإسبانيا تاريخا مشتركا تطبعه علاقات تاريخية مبنية على حسن الجوار والتعاون، مبرزا أن المغرب حرص دائما على احترامها وإعطائها الأولوية، ومن الطبيعي أن ينتظر المعاملة بالمثل من طرف إسبانيا.
ونبه رئيس “حزب الحمامة” إلى أن الطريقة التي تتعامل بها إسبانيا مع ملف استقبالها لإبراهيم غالي بجواز سفر مزور تجعل المغرب متوجسا بشأن ذلك، الأمر الذي يستدعي تعاملا “جديا وحازما”، ولفت أخنوش الانتباه إلى أن حجم استياء المواطنين المغاربة مرتبط بحجم الانتظارات التي كانوا يعلقونها على الصداقة، والشراكة والتعاون في كل المجالات مع إسبانيا.
وتابع بأن التوضيحات التي قدمها المسؤولون الإسبان لم تكن كافية، ولا تترجم بأي شكل من الأشكال حجم التجاوز الخطير الذي تم في حق المملكة المغربية ومواطنيها، على الرغم من الدعوة الرسمية الصادرة عن وزارة الخارجية لتنوير الجانب المغربي حول حيثيات استقبال زعيم الكيان الوهمي.
وطرح المسؤول الحزبي المغربي مجموعة من الأسئلة المتعلقة باستقبال المدعو إبراهيم غالي بإسبانيا، منها “ما هي الضمانات التي كان ينتظرها؟ ولماذا كان واثقا من استقباله من طرف إسبانيا ولم يذهب إلى مكان آخر؟” و”كيف يمكن شرح كل هذا للمغاربة؟ كيف يمكن توضيحه للمواطنين الذين عانوا ويعانون من عواقب الممارسات الخطيرة لمن يعتبرونه عدوا ويرونه اليوم يُستقبل من طرف بلد جار بدون مساءلة ودون تقديم أسباب أو توضيحات مقنعة وجادة؟”.
وأشار المسؤول السياسي إلى أن المغرب وجّه أسئلة مشروعة وواضحة لم تتم الإجابة عنها، أخطرها الظروف الغامضة لدخول المدعو غالي واستقباله، متسائلا في الوقت نفسه: “لماذا لم يتم الحديث عن هذا الأمر؟ وإذا كانت إسبانيا تعتبر أن مقاربتها محض إنسانية وبريئة، فلماذا لم يتم إخبار المغرب منذ البداية بذلك؟”.
وشدد المتحدث على أن “إخفاء هذا الاستقبال وحيثياته يوحي بوجود تواطؤ واضح وصريح، تتحاشى مدريد توضيحه إلى حدود الساعة”، موردا أن “الخطير في الأمر، هو أن المغرب شريك لإسبانيا في عدد من المجالات ذات الطابع الحساس والدقيق، أساسها الرئيسي الشفافية والوضوح”.
وبخصوص تبريرات مدريد التي دفعتها إلى استقبال غالي، رد أخنوش بأنها “لا ترقى إلى مستوى التوضيحات، وتبدو فقط محاولة للتستر عن خطأ جسيم وفادح يضر بالعلاقات الثنائية بين البلدين”، متسائلا: “أين هي الاعتبارات الإنسانية عندما يتعلق الأمر بمصير آلاف المختطفين الذين اقترفت جرائم في حقهم بمخيمات تندوف؟ وما مسؤولية زعيم هذا الكيان الوهمي في ذلك؟”.
ويرى “زعيم التجمعيين” أن مستقبل العلاقات بين البلدين مرتبط بتصحيح الأوضاع وبالمخرج الذي ستؤول إليه هذه الأزمة، منبها إلى أن عواقب الحادثة تتجلى في فقدان الثقة وكل ما سيخلفه ذلك من نتائج ومن مراجعة للاختيارات الاستراتيجية التي لطالما آثرها المغرب في جميع المجالات التي تربطه بالجارة الإسبانية.
كما ذكر الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار أن المغرب شريك قوي لإسبانيا في التبادل الاقتصادي، وكذا التعاون الأمني، وما يخص التعاطي مع ملف الهجرة، وغير ذلك من الملفات المحورية.
واستطرد قائلا: “أنا متأكد أن هنالك أصدقاء للمغرب في إسبانيا وعقلاء من جميع الأطياف واعون بأهمية العلاقة بين البلدين، ويقدرون ويثمنون العلاقة مع المغرب ويحرصون على صيانتها من أي سوء قد يمسها”.
وخلص أخنوش إلى أن “التجمع الوطني للأحرار مقتنع بأنه إذا توفرت النية الحسنة، فإنها ستفضي إلى مراجعة جوهرية للموقف الإسباني، وستضع حدا لهذه الأزمة وتفتح آفاقا متجددة أمام البلدين”.