في الوقت الذي يجد فيه عدد من المرضى ومن الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية صعوبات، أغلبها مادي، من أجل الحصول على جهاز يساعدهم على تحريك أطرافهم، ونظرا لقلّة الأجهزة وغلاء الروبوتات المساعدة على تذليل تلك الصعوبات، سلك شبان مغاربة طريق البحث عن بديل يسد الحاجة.

ونظرا لكون الروبوتات الخاصة بالعلاج وإعادة التأهيل تدخل ضمن المجالات الناشئة التي من المتوقع أن تُطوَّر لتحلّ المشاكل المرتبطة بأثمنة التدريب والترويض، فإن الابتكار الجديد، الذي كان وراءه 4 شبان، من بينهم فتاة، من شأنه أن “يعالج النقص في الأجهزة المساعدة للأشخاص الذين يعانون من صعوبات في الحركة حول العالم”، حسب المبتكرين.

وأوضح القائمون على هذه المبادرة أن الهدف منها هو “تقديم حل تقني أفضل لمساعدة الأشخاص الذين يواجهون مشاكل في الحركة، وتطوير نوع جديد من الهيكل الخارجي لتسهيل القيام بمهام الحياة اليومية، إضافة إلى المساهمة في المجهودات التي يبذلها المغرب على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصناعية لجعلها من الدول المنتجة في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي عموما، وفي مجال الصحة بشكل خاص”.

واختار الشبّان المغاربة وسم مبادرتهم بـ”POH: Protection Of Health”، من أجل الاشتغال على مجموعة من المشاريع المندرجة ضمن المجال الطبي والصحي، بدءا بابتكار جهاز المساعدة على حركات الذراع، في أفق إخراج مشاريع أخرى مماثلة في المستقبل القريب.

يونس مهدوبي، قائد الفريق والمختص بابتكار هذا الروبوت، أشار إلى أن “المشكلة الرئيسية التي يعاني منها بعض المرضى تتمثل في اعتمادهم على الغير أثناء القيام بالأعمال المنزلية الأساسية، كالحصول على أدوات النظافة واستعمالها، وجلب الماء أو الطعام…، وهذا هو ما دفع فريقنا إلى تركيز طاقته لحل هذه المشاكل”.

وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الصعوبات الحركية تهمّ أيضا الأشخاص المصابين بالشلل النصفي، والشلل الدماغي، وغيرهما من الأمراض التي تجعل المرء غير قادر على استخدام أطرافه العليا بالشكل المطلوب، في الوقت الذي تبقى فيه الرعاية بعد العلاج والمساعدة المستمرة باهظة الثمن”.

وأكّد مهدوبي أن الجهاز المبتكر المعتمد على التأهيل الروبوتي يمكن أن يحل محل التدريب البدني أو الترويض الطبي الذي يشرف عليه المعالج، حيث يساعد الجهاز على القيام بحركات متكررة ومكثفة، وبالتالي يساعد على العلاج بتكلفة معقولة، مع إمكانية تقييم مستوى التعافي الحركي كميًا عن طريق قياس القوة وأنماط الحركة”.

وتابع يونس مهدوبي بأن “فريق العمل وجد أن إعادة التأهيل المبكر للأشخاص المصابين بالشلل الدماغي ستساعدهم على استعادة قدرتهم على الحركة، لذلك تم البدء بهذا الجهاز الخاص بحركة الأيادي، في أفق ابتكار أجهزة أخرى تهمّ كل الأطراف التي تصاب بالشلل في الجسم، من أجل مساعدة المرضى على استعادة قدراتهم الحركية”.

وعن المدة التي استغرقها الشبان للوصول إلى هذه النتيجة، أوضح مهدوبي أن “هذا الجهاز المغربي مئة بالمئة تطلب سنة في مرحلة الدراسة، إضافة إلى 4 أشهر في مرحلة الابتكار التي تم خلالها التواصل بين أعضاء الفريق عن بعد، نتيجة تزامنها مع قرار تقييد الحركة التي عاشها المغرب بسبب انتشار فيروس كورونا”.

وختم المتحدث تصريحه لهسبريس بالإشارة إلى أن “هذا المشروع، الذي يتم بتنسيق مع المؤطر رشيد أسوال، لا يندرج تحت غطاء أي مؤسسة. الواقفون وراءه مجرد طلاب وأصدقاء يحاولون تفجير طاقتهم المعرفية في خدمة المرضى، خاصة أولئك الذين يجدون صعوبة كبيرة في القيام بأبسط حركات الأيادي والأرجل في حياتهم اليومية”.

وإلى جانب الجهاز المذكور، يعمل أيوب احصاين، متخصص في تطوير تطبيق المشروع، على تطبيق هاتفي يحتوي على بعض حركات اليد والأصابع، حسب الوقت والعدد المخصص لكل حركة بناء على المعلومات المرسلة إلى الجهاز، حيث يتلقى الروبوت الرسالة من التطبيق وينفذها بشكل مضبوط، مع محاولة إدخال الذكاء الاصطناعي بالتطبيق الهاتفي لتحسين أدائه.

ولتسهيل التواصل بين المرضى والمشتغلين على الجهاز، تعمل الشابة شيماء الصباح، متخصصة في تطوير الموقع الإلكتروني، على القيام بمهام التنسيق عبر موقع إلكتروني، حيث يمكن للجميع إنشاء حساب خاص وتعبئة المعلومات المتعلقة بهم وحالتهم الشخصية ونوع المرض الحاد الذي يعانون منه، سواء كان شللا في الأطراف السفلية أو العلوية، إضافة إلى المعلومات المرتبطة بالفحوصات الطبية المرتبطة بالمرض.

hespress.com