في قلب مدينة الدار البيضاء، توجد مصحة تابعة للتعاضدية العامة للتربية الوطنية، تُعرف بـ”كلينيك بنكيران”، وهي مصحة متعددة الاختصاصات كان يعالَج فيها الأساتذة وغيرهم من موظفي الوزارة، لكنهم لم يعودوا يستفيدون من هذه الخدمة منذ ستّ سنوات، بعد أن أُغلقت المصحة لأسباب مجهولة.

المنخرطون في التعاضدية العامة لوزارة التربية الوطنية فوجئوا سنة 2014 بإغلاق المصحة المذكورة، وكان التبرير الذي تمّ تسويقه من طرف الجهة التي اتخذت القرار، وهي التعاضدية العامة للتربية الوطنية، هو إصلاح المرفق، رغم أن وضعيته كانت في حالة جيدة.

“البناية التي تحتضن المصحة التعاضدية والعمارات المجاورة لها من أعتق البنايات التي شُيدت في مدينة الدار البيضاء إبان عهد الاستعمار، وكلنا نعرف جودة ومتانة المُنشآت التي ورثها المغرب، والتي مازالت تقوم بأدوارها حاليا. وإذا سلّمنا فعلا بأن قرار الإغلاق تمّ من أجل الإصلاح فبمجرد زيارة المصحة تجدها على حالها منذ أكثر من ست سنوات، إذ لا تشهد أي إصلاح”، يقول يونس الراوي، أستاذ بمدينة الدار البيضاء.

الأساتذة المتضررون من إغلاق المصحة التعاضدية متعددة الاختصاصات بالدار البيضاء لم يتقبلوا تبرير إغلاق المصحة التي طالما استفادوا من مختلف خدماتها، بداعي الإصلاح، وقال بعضهم في تعليقات على الموضوع إن جدرانها “لا يوجد بها أي تشقق ولو صغير”، فيما شكك آخرون في وجود رغبة في تفويتها لمستثمرين في قطاع العقار.

ويؤكد يونس الراوي أن ما يجعل موظفي وزارة التربية الوطنية يتمسّكون بمطلب إعادة فتح “كلينيك بنكيران”، التي تحولت منذ سنوات إلى بناية همَدت فيها الحياة بعد أن أوصدت أبوابها، هو جودة الخدمات الطبية التي كانت تقدمها للمنخرطين، مقارنة مع الأثمان الرمزية التي كانوا يؤدونها، ليجدوا أنفسهم “مجبرين على تسليم صحتهم لأطباء القطاع الخاص مقابل مبالغ طائلة”.

ورغم أن موظفي وزارة التربية الوطنية لم يعودوا يستفيدون من خدمات المصحة المذكورة فإنهم يستغربون استمرار استخلاص واجبات الانخراط الشهرية من رواتبهم، وسبق لهم أن راسلوا، بهذا الخصوص، رئيس المجلس الإداري للتعاضدية العامة لوزارة التربية الوطنية سنة 2016.

وتضمنت الرسالة الموجهة إلى رئيس المجلس الإداري للتعاضدية ملتمسيْن؛ الأول يتعلق بتهيئة وتأهيل المصحة التعاضدية متعددة الاختصاصات، والثاني يتعلق بتهيئة وتأهيل المصحة التعاضدية للجراحة والتوليد، وكلاهما توجدان بالدار البيضاء، لكنّ التعاضدية لم تستجب لأي من الملتمسيْن إلى حد الآن.

وأوضح يونس الراوي، في تصريح لهسبريس، أن ما تجنيه التعاضدية العامة لوزارة التربية الوطنية من المنخرطين فيها، وعددهم مهم، كفيل بتقديم خدمات ذات جودة عالية للمنخرطين، على غرار باقي التعاضديات المنخرطة في الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي CNOPS.

وفي وقت يتزايد الطلب على المنشآت الاستشفائية، خاصة في مدينة كبيرة وذات كثافة سكانية عالية، كالدار البيضاء، فإن منخرطي التعاضدية العامة لوزارة التربية الوطنية بالعاصمة الاقتصادية مازالوا يتساءلون عن سبب عدم فتح المصحة التابعة للتعاضدية إلى حد الآن، رغم أنها لا تخضع لأي إصلاح.

وحسب إفادة يونس الراوي فإن الأطر الطبية التي كانت تشتغل بالتعاضدية تم تنقيلها إلى المصحة التي كانت مخصصة للتوليد، والمعروفة بـ”كلينيك الكوهن”، بعد تجميع كل الاختصاصات فيها، وهو ما ساهم بشكل كبير في تدني الخدمات المقدمة للمنخرطين، على حد تعبيره، مردفا بأن هذين للمرفقين قدما خدمات مهمة لأجيال من المنخرطين وذويهم.

هذا الوضع أدّى إلى إغلاق مصحة التوليد بدورها، من أجل فسح المجال لاستمرار خدمات مختبر التحليلات الطبية، الذي قال يونس الراوي إنه “يشكّل شمعة أمل، نظرا للخدمات التي يقدمها، من تحاليل مجانية، مع سعي مسيّريه وكافة أطره إلى تقديم خدمات ذات جودة للمنخرطين”، مبرزا أن المختبر سجّل زيادة مهمة في التحاليل التي ينجزها، كمّا وكيفا.

وبعد إغلاق المصحة التعاضدية، ومصحة الولادة التابعة لها، نشرت التعاضدية العامة لموظفي وزارة التربية الوطنية، سنة 2019، خبرا فحواه أنها أبرمت اتفاقية مع مستشفى الشيخ خليفة بن زايد بالدار البيضاء، سيستفيد بموجبها المنخرطون من الخدمات الطبية بهذا المستشفى، دون نشر تفاصيل عن كيفية الاستفادة.

أكثر من ذلك، اعتبر يونس الراوي أن الاتفاقية التي تحدثت عنها التعاضدية “لم تكن سوى فقاعة إعلامية”، مضيفا: “عندما يتوجه المنخرط إلى مستشفى الشيخ خليفة بن زايد يصطدم بأن الاتفاقية مجرد فقاعة إعلامية، وبأن عليه أداء المستحقات المالية نظير الخدمات الاستشفائية، ودفع ملف الاسترجاع وفقا للمساطر القديمة المعتادة”.

وتابع المتحدث ذاته بأن التعاضدية العامة لموظفي وزارة التربية الوطنية نشرت بلاغا في يوليوز 2019، يتحدث عن تسهيل عملية الولوج إلى الخدمات والاستقبال بمستشفى الشيخ خليفة، “في وقت كان المنخرطون ينتظرون خدمات حقيقية، كتخفيض تكاليف الولوج المرتفعة”، وزاد: “الحق في الولوج إلى الخدمات الصحية والطبية هو حق دستوري، والمنخرط ليس في حاجة إلى إنفاق أجوف للاستفادة من هذا الحق الدستوري”.

hespress.com