تفاجأت عديد من الأسر القاطنة بمختلف أحياء مدينة سيدي سليمان بارتفاع كبير في أسعار فواتير الماء المتوصل بها نهاية شهر يونيو، والتي همت استهلاك مدة الحجر الصحي؛ وهو ما خلف موجة سخط عارمة على المسؤولين الذين لم يراعوا الظروف الاجتماعية التي يمر منها “السليمانيون” بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، وخاصة الفقراء منهم وذوي الدخل المحدود.

وأكد عدد من المواطنين، في تصريحات متطابقة لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنهم توصلوا بفواتير ضخمة لا تتوافق وحجم الاستهلاك العادي الذي ألفوا على أداء فاتورته خلال الأشهر السابقة، دون أن يعرفوا سبب هذا الارتفاع المفاجئ، وهم بالكاد يكابدون صعوبة العيش لتوفير الحاجيات الأساسية لأبنائهم.

بوعزة الرحالي، من ساكنة حي جليل التازي، قال إنه “تفاجأ بفاتورة شهر يونيو مضاعفة بأربع مرات عما تعود على أدائه خلال الأشهر الماضية”، مضيفا أنه لم يسبق له أبدا أن توصل بمثل هذه الفاتورة حتى في أشهر الصيف التي يبلغ فيها استهلاك الماء ذروته.

وأرجع أستاذ التعليم الابتدائي المتقاعد هذه التسعيرة المضاعفة إلى “توقف المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب عن قراءة العدادات منذ مارس الماضي والاكتفاء بتقديرات غير واقعية لم تُعْرَف الكيفية التي بُنِيت عليها؛ ما جعل حجم الاستهلاك يتراكم، وبالتالي الدخول في الشطر الثالث أو الرابع الذي يحتسب بثمن مضاعف”.

واستنكر الرحالي أيضا “الانقطاعات المتتالية للماء الصالح للشرب بشكل يومي عن مختلف أحياء المدينة دون سابق إنذار”، منبها إلى خطورة ذلك على الأطفال والمرضى، ومبرزا أن “المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب كان عليه أن يقوم بمجهودات مضاعفة لتجويد هذه المادة الحيوية التي أصبح مذاقها لا يطاق عوض تحميل المواطنين أعباء إضافية لشراء المياه المعدنية أو تلك التي يستقدمها الباعة الجائلون من مناطق يقال إن مياهها “حلوة”.

في السياق نفسه، طالب خالد الملياني، وهو نادل بمقهى، الحكومة بالتدخل لدى المكتب الوطني “للكهرماء” لاعتماد وسيلة التخفيف من قيمة الفواتير الضخمة، ولم لا إعفاء الفئات المعوزة من أداء الفواتير العالقة بذمتها وتأديتها من صندوق تدبير جائحة “كورونا” مراعاة للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للأسر السليمانية والتعاون معها في هذه الظرفية الحرجة التي تمر بها البلاد.

وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “لا يستطيع أداء الفواتير العالقة بذمته بسبب توقفه عن العمل منذ أن أصدرت السلطات المحلية قرارها بإغلاق المقاهي، وأنه لم يستفد من الدعم المخصص لجائحة كورونا بسبب عدم تصريح مشغله له في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”، ومتخوفا في الآن ذاته “من الغرامات التي ستفرض عليه جراء هذا التأخير في الأداء”.

من جهته، أوضح محمد الحادك، رئيس وحدة الخدمات بالمكتب الوطني للكهرباء والماء (قطاع الماء) أن “المكتب لجأ إلى تعليق قراءة العدادات الخاصة بالمشتركين بهدف الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد والاكتفاء بتقدير مؤشرات الاستهلاك بناء على تقديرات نفس الفترة من السنة الماضية”، مؤكدا أن ارتفاع الفواتير راجع إلى تغيُّر وتيرة الاستهلاك الاعتيادية للمواطنين خلال فترة الحجر الصحي الذي تضاعف ثلاث أو أربع مرات”.

وأشار المسؤول إلى أنه “بعد استئناف القراءة الحقيقية لمؤشرات العدادات في فاتح يونيو، تمت مراجعة التقديرات وقُسِّمت الأشطر بصفة عادلة على ثلاثة شهور، وظهر الاستهلاك العادي في الفاتورة الجامعة مع خصم التسبيق المؤدى؛ ما خول للمشترك عدم الوقوع في الشطر الثالث أو الرابع”، موردا أن “من كانت فاتورته مرتفعة مُنح الفرق، ومن كانت عكس ذلك تمت إضافة الفرق في فاتورة شهر يونيو مع إمكانية تقسيط الفاتورات حسب رغبات كل زبون وإلغاء الغرامات عن التأخير في الأداء لتفادي إثقال كاهل المواطنين”.

وبخصوص الانقطاعات اليومية للماء الصالح للشرب، قال المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، إن “المكتب اضطر لأخذ ساعات ليلية لقطع الماء من أجل إعادة ملء الخزان والحفاظ على المضخات بسبب الطلب المتزايد على الماء في فترة الذروة”، موضحا أن “مشروعا ضخما يهم تجديدا كاملا لقنوات الشبكة المائية القديمة بمجموعة من أحياء المدينة مع تعزيز بعض أجزائها في أحياء أخرى من أجل تحسين الصبيب وتجويده”، مذكرا بـ”تشييد خزان لتزويد جماعة بومعيز بالماء الشروب، وآخر بتجزئة مرجان سيتم تشغيله قريبا بعد الانتهاء من إجراءات الربط الكهربائي ضمانا لتحسين تزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب في أحسن الظروف”.

وأضاف الحادك أن “الظروف الاستثنائية التي فرضها انتشار فيروس كورونا المستجد جعلت الشركة المكلفة بالأشغال تتوقف لأكثر من أربعة أشهر؛ ما ساهم في تأخير إنجاز الأشغال في وقتها المحدد قبل فصل الصيف”، داعيا إلى “تعامل حضاري وعقلاني مع المياه”، ومشددا على أن “الماء الشروب بسيدي سليمان يعتبر من أجود أنواع المياه بحيث يستجيب للمعايير المعمول بها وطنيا ودوليا، وذلك ما تؤكده التحاليل المخبرية التي تنجز بصفة دورية ومستمرة في هذا الشأن”.

hespress.com