تتفاوت درجات نجاح المشاريع التنموية من مدينة إلى أخرى، وتختلف المقاربات المعتمدة من طرف السلطات الإقليمية والمحلية والمنتخبة حسب المناطق، من أجل إنجاح المشاريع المسطرة على الورق وإيصالها إلى برّ الأمان، خاصة ما يرتبط بشكل مباشر بالساكنة لتلبية حاجياتها وحلها مشاكلها اليومية.
وبتخصيص الحديث عن خريبكة، شكلت التجارة غير المهيكلة التي يمارسها الباعة الجائلون المعروفون بـ”الفرّاشة”، منذ سنوات، هاجسا كبيرا يشغل بال الساكنة والسلطات على حد سواء، ما دفع المسؤولين بمختلف مستوياتهم إلى تسطير البرامج وإطلاق المشاريع لتحرير الملك العمومي من جهة، وتحسين ظروف اشتغال الباعة الجائلين من جهة ثانية.
من “20 غشت” إلى “الفتح”
بعد إخراج “السوق النموذجي 20 غشت” إلى الوجود بحي النهضة، ولمّ شتات “الفرّاشة” الذين كانوا منتشرين بالشوارع والأحياء وسط المدينة، وتحول الفضاء التجاري إلى قبلة يومية لسكان المدينة والمناطق المجاورة لها، من أجل التبضع وقضاء حاجياتهم اليومية في ظروف ملائمة، التفتت السلطات إلى سوق للقرب كان إلى وقت قريب في حالة متردية.
السوق النموذجي للقرب بالحي السكني الفتح واحد من الفضاءات التي كانت عبارة عن أطلال تكشف عن الفشل الذي يصيب بعض المشاريع التنموية لأسباب مختلفة، قبل أن يحظى، في الأشهر الماضية، بالتفاتة من السلطات لإعادة إحياء جزء منه وفتحه في وجه العموم، عبر جعله مرفقا خاصا بمزاولة الأنشطة التجارية لعدد من “الفرّاشة”.
1200 متر مربع لـ75 مستفيدا
حسب معطيات صادرة عن المشرفين على المشروع فقد تم إصلاح نصف السوق النموذجي الواقع بحي الفتح من أجل تخصيصه لبائعي الخضر والفواكه، وذلك بتكلفة قدرت بمليونَيْ درهم، على مساحة 1200 متر مربع، بتمويل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بشراكة مع الجماعة الترابية لخريبكة، من أجل توفير 75 حيزّا لمزاولة الأنشطة التجارية.
وعمل الواقفون وراء المشروع على تأهيل السوق النموذجي بالمرافق الصحية والإنارة والربط بالماء الصالح للشرب، إضافة إلى توفير لوازم التدخل السريع في حال وقوع حرائق داخل أو بمحيط السوق، من أجل توفير أكبر قدر من شروط السلامة للباعة وقاصدي السوق من أجل التبضع.
قُرعة الاستفادة تحت أنظار السلطات
أوضحت المصادر ذاتها أنه في إطار تنظيم الباعة الجائلين تم إجراء القرعة الرسمية لتحديد أماكن عمل المستفيدين من المشروع، وذلك بحضور الباعة الجائلين المعنيين ورئيس جمعية السعادة للخضر والفواكه؛ فيما جرت العملية تحت إشراف رئيس المنطقة الحضرية الثانية ورئيس الملحقة الإدارية الخامسة، بحضور ممثلين عن المصالح الإدارية المعنية.
يشار إلى أن القرعة الرسمية جرت بالمركب الاجتماعي التربوي “القدس”، بحضور مفوّض قضائي لمعاينة مجريات اللقاء وتوثيق أشغاله بشكل رسمي، قبل أن ينتقل المستفيدون من المشروع إلى السوق النموذجي مباشرة بعد انتهاء القرعة من أجل تحديد ومعاينة الأماكن التي سيمارسون بها أنشطتهم التجارية في القادم من الأيام.
استفادة مشروطة بتحرير الشارع
قال مصدر من السلطة المحلية إن “الفرّاشة” مطالبون بنقل تجارتهم من الشوارع والأزقة إلى السوق النموذجي “الفتح”، والمساهمة في تنظيم وتحسين ظروف عملهم، وإذا ضُبط أحد المستفيدين يمارس تجارته بالشارع العام فإنه سيُحرم من المكان المخصص له بالسوق، وسيتم تعويضه ببائع جائل آخر لم يستفد بعد من المشروع.
وأضاف المصدر ذاته أن السوق النموذجي “الفتح” مجرد حلقة ضمن سلسلة الأسواق النموذجية التي تعمل السلطات الإقليمية والمنتخبة على إصلاحها وفتحها في وجه الباعة الجائلين والساكنة، ومن المرتقب أن يتم فتحها تباعا بمجرد الانتهاء من إصلاحها وتوزيع الأماكن على المستفيدين المدرجين في اللوائح الخاصة بهذه العملية.