قال نجيب أقصبي، الخبير الاقتصادي المغربي، إن الخطابات السائدة حول المنافع المتوقع أن يجنيها المغرب من علاقاته الاقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل غير واقعية؛ في ظل التفاوت الكبير بين الاقتصادين الأمريكي والإسرائيلي من جهة، وبين الاقتصاد المغربي من جهة ثانية.
واعتبر أقصبي، في مداخلة ضمن ندوة نظمتها مؤسسة محمد عابد الجابري للفكر والثقافة، مساء الأربعاء، حول “تحديات المشهد الاقتصادي.. والوضع العربي”، أن “الواقع الاقتصادي المغربي لن يؤدي إلى النتائج التي يتم تسويقها، وهذه الصفقة ستكون لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل على حساب المغرب واقتصاده”.
وعاد المتحدث ذاته إلى اتفاقية التبادل الحر المبرمة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية سنة 2006، مبرزا أن “المغرب لم يربح شيئا من هذه الاتفاقية بعد مرور خمسة عشر عاما على توقيعها، سواء على صعيد التجارة الخارجية أو الاستثمار. وعلينا أن نبني توقعاتنا المستقبلية على نتائج هذه الاتفاقية لنرى ماذا ينتظرنا مستقبلا”.
الخبير المغربي استدل بالأرقام لتأكيد كلامه، حيث أشار إلى أن المغرب يسجّل، منذ إبرام اتفاقية التبادل الحر، عجزا تجاريا متناميا تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، وتضاعف بأكثر من ثلاث مرات، حيث انتقل العجز من 7 مليارات درهم في سنة 2006 إلى 25 مليار درهم سنة 2019.
وفي ما يتعلق بالاستثمارات، أوضح أقصبي أن الاستثمارات الأمريكية في المغرب ضعيفة جدا، إذ لا تمثل سوى 5 في المائة من مجموع الاستثمارات الأجنبية في المغرب، بمردود مالي يتراوح ما بين مليارين وثلاثة مليارات دولار سنويا.
الاستنتاج نفسه خلُص إليه أقصبي حين حديثه عما سيجنيه المغرب من علاقاته الاقتصادية مع إسرائيل، بعد سريان تطبيع العلاقات الدبلوماسية بينهما، إذ قال إن الاقتصاد المغربي غير قادر على مجاراة نظيره الإسرائيلي، متوقعا أن تكون الحصيلة مشابهة للحصيلة المحققة من اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية.
أقصبي أوضح أن الاقتصاد الإسرائيلي قوي ومتطور؛ وهو ما تزكّيه الأرقام المتعلقة بالناتج الداخلي الخام في إسرائيل، حيث ناهز، في سنة 2019، سقف 400 مليار دولار أمريكي، بينما سجل الناتج الداخلي في المغرب 117 مليار دولار.
وأشار إلى أن هناك فرقا شاسعا أيضا على مستوى الدخل الفردي السنوي، حيث يناهز 42 ألف دولار أمريكي؛ فيما لا يتعدى الدخل الفردي السنوي في المغرب 3 آلاف دولار، مضيفا: “هذه الأرقام توضح الفرق بين الإمكانيات الاقتصادية للبلدين”.
وسجل المتحدث ذاته أن بنية الاقتصاد الإسرائيلي متقدمة، ويعتمد ناتجها الداخلي بالأساس على الخدمات، بنسبة أكثر من الثلثين، يليها قطاع الصناعة، ثم الفلاحة، مشيرا إلى أن التكنولوجيا الحديثة تمثل نصف الصادرات الإسرائيلية.
واستطرد الخبير الاقتصادي المغربي أن بنْية التصدير الإسرائيلية تماثل نظيرتها في البلدان المتقدمة؛ “وهو ما يجعلها في موقع يؤهلهم لغزو السوق المغربية، لأن الاقتصاد المغربي لا يتوفر على إمكانات مماثلة، وعَرضه التصديري ليس محطّ طلب من طرف الاقتصاد الإسرائيلي”.