رغم الإمكانات والمؤهلات الفلاحية المتوفرة بجهة بني ملال خنيفرة، تبقى معدلات تثمين الإنتاج الفلاحي على مستوى الجهوي متواضعة في عدة سلاسل إنتاجية، منها سلسلة الحوامض التي لا يتجاوز معدل تثمينها 16 في المائة، وسلسلة اللحوم التي لا يتجاوز تثمينها نسبة 18 في المائة، وسلسلة الخضر والفواكه التي لا تتعدى 10 في المائة.
ومن أجل الرفع من وتيرة تثمين المنتج الفلاحي وتطوير قطاع الصناعات الغذائية، ولضمان الإجراءات المواكبة بين مصادر الإنتاج الفلاحي ومراحل تصنيع وتحويل وتسويق المنتجات الفلاحية، تم إحداث قطب الصناعات الغذائية لبني ملال (أكروبول)، في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص، باستثمارات تبلغ 920 مليون درهم.
ويضم القطب، الذي جرى إنجازه على موقع جغرافي يمتد على مساحة 208 هكتارات، باستثمارات بقيمة 3 ملايير درهم، تهدف إلى إحداث فرص للشغل تقدر بحوالي 9 آلاف منصب شغل مباشر و20 ألف منصب شغل غير مباشر، (يضم) ستة أقطاب مندمجة؛ ويتعلق الأمر بقطب الصناعة والتجارة والتسويق واللوجستيك والخدمات، بالإضافة إلى قطب البحث والتنمية ومراقبة الجودة، الذي ستنجزه وزارة الفلاحة على مساحة 2.63 هكتارا باستثمار يبلغ 71.5 ملايين درهم.
ويشهد القطب حاليا، وفق ما أورده أحساين الرحاوي، مدير المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي، لجريدة هسبريس، حاليا دينامية مهمة، “إذ عرف تسويق 20 في المائة من الشطر الأول الممتد على مساحة 108 هكتارات، بفضل التحفيزات والإعانات الممنوحة في إطار عقد برنامج تنمية الصناعات الغذائية التي قد تصل الى % 30 من إجمالي مبلغ الاستثمار لفائدة وحدات التحويل والتصنيع، وكذا صندوق دعم الاستثمار الجهوي المحدث من طرف مجلس الجهة لتمويل اقتناء العقار بهذا القطب، والذي يصل سقفه إلى % 50 من قيمته الإجمالية قصد تسريع وتيرة تثمين هذا القطب”.
وأبرز الرحاوي أن القطب “شهد إنجاز 7 مشاريع مهمة بكلفة إجمالية بلغت 37 مليون درهم، مكنت من خلق 160 منصب شغل قار، بالإضافة إلى 6 مشاريع في طور الإنجاز بقيمة تقديرية ستصل إلى 25 مليون درهم، ستمكن من إحداث 100 منصب شغل”، وزاد: “وهناك 12 مشروعا أخرى قيد الدراسة تناهز كلفتها الإجمالية 384 مليون درهم، وستمكن في المجمل من خلق 1016 منصب شغل”.
ومن أجل تحسين جاذبية قطب الصناعة الغذائية، وتشجيع الاستثمارات اللازمة لتثمين المؤهلات الفلاحية الهائلة للجهة، من خلال منح دعم اقتناء الأراضي بهذه المنطقة، تم إحداث الصندوق الجهوي لدعم الاستثمار، الذي عهدت مهمة تدبيره إلى المركز الجهوي للاستثمار لبني ملال-خنيفرة، بموجب مذكرة تفاهم موقعة بين هذا الأخير والمجلس الإقليمي وولاية الجهة، بموجب المادة 7 من القانون 47-18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وبإحداث اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار.
من جانبه، قال المدير العام للمركز الجهوي للاستثمار بجهة بني ملال خنيفرة، محمد أمين البقالي: “أستطيع القول إنه منذ إنشاء اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار بني ملال خنيفرة والعمل بالمنصة الرقمية الاستثمارية CRI-INVEST تمكنت الجهة من تحقيق أداء جيد من حيث تحسين جودة ونجاعة الخدمات الإدارية لمعالجة طلبات الاستثمار وتتبع المشاريع، على الرغم من السياق الصعب الذي اتسمت به سنة 2020 إثر الأزمة الصحية بسبب كوفيد19”.
وأضاف البقالي أن “اللجنة الجهوية تمكنت سنة 2020 من فحص 208 ملفات استثمارية عن طريق التداول بالفيديو بشكل أساسي، وفقًا للتدابير الوقائية، وإبداء الرأي بالموافقة على صحة 133 ملفا استثماريا، أي ما يعادل زيادة قدرها 68٪ مقارنة بسنة 2019″، مشيرا إلى أن هذه المشاريع ستعمل على تعبئة استثمارات مقدرة ب 10 مليارات درهم منتجة ستمكن من خلق 5600 فرصة شغل مباشرة ودائمة.
وأشار المدير العام للمركز الجهوي للاستثمار إلى أن “الوتيرة التصاعدية استؤنفت بنفس النسق بداية سنة 2021، إذ قامت خلال الشهرين الأولين اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار بمعالجة والتحقق من صحة 126 ملفًا استثماريًا، أي ما يقرب من ضعف عدد المشاريع التي تم البت في صحتها خلال الفترة نفسها، وقبول 72 منها بقيمة استثمارية تناهز 1.7 مليارات درهم، أي بزيادة 32% من قيمة الاستثمارات للفترة نفسها”.
وكشف المسؤول ذاته أن “أغلب القطاعات النشيطة سجلت زيادة في الاستثمارات، ما يدل على ثقة المستثمرين في قدرة السلطات والمصالح الإدارية بالجهة على التغلب على بعض الإكراهات ومواكبة المستثمرين بشكل فعال، وفي مدة 6.6 أيام فقط كمتوسط لمعالجة ملفات الاستثمار منذ وقت تنزيل طلبات المستثمرين بالمنصة الرقمية CRI-INVEST”.
وأبرز أمين البقالي أن قطاع الصناعة والطاقة المتجددة حققا أكبر أداء من حيث المبالغ الاستثمارية المعتمدة؛ كما شهدت الصناعات الغذائية والتحويلية دينامية كبيرة بالجهة بفضل إنشاء القطب الصناعي أكروبول؛ فضلا عن الصناعات الكيميائية وشبه الكيميائية التي تعززها استثمارات OCP على مستوى المنطقة، وشدد على أن “الجهود متواصلة في إطار شراكة بين كافة الشركاء الجهويين لتحسين مناخ الأعمال قدر الإمكان، وخلق بيئة مواتية للاستثمار في الجهة”، منتهيا بالقول إنه “تمت جدولة العديد من المشاريع، إذ جرى إنشاء منصات رقمية، وإطلاق صناديق دعم جهوية، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وإجراء دراسات قطاعية يتم من خلالها إبراز فرص ومؤهلات الجهة لجذب الاستثمار وتحسين الجاذبية الترابية لحاملي المشاريع المهيكلة الكبرى”.