الأربعاء 5 ماي 2021 – 21:00
ما قصة العلاقات المغربية ــ الإيرانية؟ لماذا اتخذ الملك الراحل الحسن الثاني مواقف مناوئة للثورة الإيرانية منذ اللحظة الأولى لقيامها؟ ولماذا غير موقفه بعد ذلك؟ كيف تدخلت الجزائر على الخط في اللحظات الأولى وأرادت إفساد العلاقات المغربية ــ الإيرانية؟ كيف استقبلت النخبة المغربية الثورة الإيرانية بعد قيامها؟ وكيف كان أداء المغرب خلال الحرب العراقية ــ الإيرانية؟
هذه الأسئلة وغيرها نتابع الإجابة عليها خلال شهر رمضان مع كتاب الباحث الدكتور إدريس الكنبوري “أمير المؤمنين وآية الله.. قصة المواجهة بين الحسن الثاني والخميني”، الذي خص به جريدة هسبريس.
الحلقة الحادية والعشرون
تفاعل العلامة عبد الله كنون، الأمين العام لرابطة علماء المغرب، مع الثورة الإيرانية تفاعلا منقطع النظير؛ فقد كتب ثلاثة أو أربعة مقالات عنها، وعن يقظة الإسلام، وانبعاثه، والسنة والشيعة. وفي حواره مع صحافي من جريدة “لوموند” الفرنسية، حاول كنون أن يقلل من وزن الخلاف بين السنة والشيعة، معتبرا إياه خلافا سياسيا لا دينيا، انتهى منذ زمن بعيد، وقال إنه “ليس بين السنة والشيعة فرق، فإنهما معا مسلمون، يؤمنون برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ويمارسون شعائر الإسلام على الطريقة التي مارسها بها النبي وأتباعه الأولون. وإن يكن هناك من فرق يسير، فهو مثل ما بين مذاهب السنة أنفسهم في بعض المسائل. نعم هناك خلاف بين الطائفتين سياسي قديم عريق في القدم، يرجع إلى يوم وفاة النبي وتولية أبي بكر الخلافة عنه، ثم ولاية عمر بعد أبي بكر وعدم ولاية علي بن أبي طالب للخلافة من أول وهلة، فقد انتقد ذلك شيعة علي واعتبروا أن إبعاده عن الخلافة كان بمؤامرة بين أبي بكر وعمر”، إلى أن قال: “فأنت ترى أن القضية سياسية لا تستحق هذا الاهتمام كله، لا سيما وهي قد دخلت في ذمة التاريخ، فالاشتغال بها إلى هذا الحد من ضعف النظر”.
وذهب كنون إلى القول بأن لا أحد في العالم الإسلامي يقبل بمبادئ الثورة الإيرانية الشيعية بالفكر والنظر، “وأما بالقوة والعنف، فقد كان الشاه يفكر فعلا في غزو البلاد العربية، ولا سيما دول الخليج، وإقامة دولة شيعية أو إيرانية على غرار الدولة الفاطمية التي انطلقت من المغرب إلى مصر، وكانت تنافس الخلافة العباسية على السلطة في أواخر أيامها، ولذلك كان يقتني من السلاح ويبني المفاعلات الذرية بما لا غاية له إلا هذا المطمح، ولعل القوة التي وفرها لخلفائه هي التي أوحت لهم بهذا الأمل بعيد المنال”، وواضح أن كنون كان يشير من طرف خلي إلى فكرة تصدير الثورة عند الخميني.
وكان من ضمن توجيهات الخميني إلى السفراء الإيرانيين في البلدان العربية والإسلامية، العمل على تصدير الثورة من خلال السلوك والممارسة والالتزام العملي بقيم الثورة، بحيث يتصرف السفراء “بشكل يتأثر بهم الآخرون”، ومن ضمن تلك التوجيهات قوله: “من المسائل المهمة التي تقع فيها المسؤولية عليكم مثلنا (الكلام موجه إلى أعضاء السفارات الإيرانية) أن تقوموا تدريجيا بتصدير الثورة إلى ذلك البلد الذي أنتم فيه، من خلال التزامكم العملي، وسلوككم مع الموظفين، والحالة التي عليها السفارة، أن يكون وضع السفارة وعملكم بشكل يؤدي بالتدريج إلى تصدير ثورتكم إلى ذلك البلد الذي أنتم فيه، والمسائل الأخلاقية هي مسائل عملية، فعندما يكون الإنسان ملتزما بها، فإن ذلك سيسري إلى الآخرين”.
وفي السياق ذاته، كتاب أبو بكر القادري، من حزب الاستقلال وعلمائه، مقالا تحت عنوان “رياح البعث الإسلامي تقلق العالم الغربي”، قال فيه: “لقد كان الغرب وأنصاره وحواريوه من الصليبيين والصهيونيين، يعتقدون الاعتقاد الجازم أن العالم الإسلامي قطع صلته بعقيدته وارتباطه بحضارته، واستمداده من قيمه، وتمسكه بفكره وثقافته، وأن انسياق الكثيرين من أبنائه مع الفكر الغربي والثقافة الغربية سيجعلانه في حصن حصين من أن يسترجع في يوم من الأيام أصالته الحقة وشخصيته المتميزة”. وقال: “لقد أدركت النخبة الصادقة المؤمنة في العالم الإسلامي أن هناك تناقضا عميقا بين ما هو كامن ومستقر وثابت في ضمير شعوبها، وبين هذه الاتجاهات الفكرية التي تذهب بها ذات اليمين وذات اليسار، هذه الاتجاهات التي أرضت الغرب بشقيه اليساري واليميني، فإنها أسخطت الحقيقة الكامنة في ضمائر الشعوب الإسلامية”.
وبحسب القادري، فإن هناك روحا جديدة دبت “في ضمائر كثير من المفكرين المسلمين، صارت تنادي بالرجوع إلى الحقيقة الإسلامية والتشبث بالفكر الإسلامي، والعودة إلى الأصول الإسلامية الحقة. وهكذا وجد هؤلاء أنفسهم ودون تعب أن العمق الإسلامي لا زال حيا يعمل عمله في نفوس وضمائر الملايين من المسلمين، وأنه إذا ما أحسن توجيهه ونظمت تغذيته، فسيعيد للمسلمين كرامتهم المداسة، ووجودهم الصحيح”.