على بعد 96 كيلومترا عن مدينة بني ملال عاصمة جهة بني ملال خنيفرة و130 كيلومترا عن أزيلال، تقع الجماعة الترابية أنركي التي تتوفر على مؤهلات طبيعية غاية في التنوع، تؤثثها أشجار سامقة ومجار للمياه العذبة وجبال يتجاوز ارتفاع قمم بعض سلاسلها 3000 متر عن سطح البحر؛ ما يجعل من هذه الجماعة قبلة مفضلة للزوار، على الرغم من بعض الإشكالات التنموية.
أحدثت جماعة أنركي، التابعة لإقليم أزيلال، بعد التقسيم الإداري لسنة 1960، تحدها شمالا جماعة تاكلفت وجماعة بوتفردة (إقليم بني ملال) وجنوبا جماعة زاوية أحنصال وغربا جماعة تلكيت وشرقا جماعة إملشيل (إقليم ميدلت)، ويعتمد سكانها على الزراعات المعيشية وتربية المواشي والرعي والسياحة الجبلية.
تشتهر أنركي، التي تضم 12 دوارا بتعداد سكاني يقترب من أربعة آلاف نسمة، بطبيعتها الساحرة الذي يزيد من جمالها خرير المياه وحفيف أشجار الصفصاف وجوز الهند التي تضاهي الجبال المكسوة بالبياض في شموخها؛ ما يجعلها منطقة سياحية بامتياز، رغم ما يسِم تضاريسها من صعوبة ووعورة.
حمو الشريفي، فاعل جمعوي ومستثمر في مجال السياحة الجبلية، قال في تصريح لهسبريس: “في جماعة أنركي التي كانت قبل سنوات عبارة عن مجموعة من القرى المنسية، يكتشف الزائر مؤهلات طبيعية غاية في التنوع وعادات وتقاليد متجذرة في تاريخ المنطقة، كما يتلمس الجهود التي جرت في السنوات الأخيرة للحد من مشاهد البؤس والتهميش والإقصاء”.
وأكد الشريفي أن مركز جماعة أنركي، الذي يتوفر على إمكانيات واعدة في مجال السياحة الجبلية، بات معروفا لدى الزوار، لا سيما الأجانب المتحدرين من فرنسا ومن المدن الكبرى بالمملكة؛ ما يتطلب العمل على استغلال هذه المؤهلات لضخ دماء جديدة في شرايين السياحة الجبلية لإيصال صدى المنطقة إلى نطاق أوسع.
واعتبر المتحدث جبل أزوركي وجبل موريق وجبل القرون والمنبسطات والكهوف والسلاسل الجبلية المرتفعة، فضلا عن المضايق الممتدة على مدى 35 كلم بين أنركي وإمسفران، حيث تتواجد عدد من المواقع الجيولوجية والإيكولوجية مثل كاتدرائية تامكا أمسفران بتيلوكيت، من المؤهلات السياحية الكفيلة بجلب أعداد كبيرة من السياح إلى المنطقة شريطة تعزيز المنطقة بالمزيد من الطرق والمسالك وتأهيل المشتغلين بالقطاع.
وأبرز حمو الشريفي أن ربط إقليم أزيلال، ومن ضمنه جماعة أنركي، بالشرايين الكبرى وانفتاحه على الواجهات السياحية والمحاور الطرقية من جهة درعة تافيلالت عبر إملشيل، وطريق زاوية أحنصال عبر قلعة مكونة وطريق أيت بوكماز ووارزازات يبقى من أهم الرهانات التي يعول عليها للنهوض بالقطاع السياحي بالإقليم والانتقال بالقطاع من سياحة العبور إلى سياحة الإقامة.
وقال حجي إدريس من سكان المنطقة: “في أنركي، كنا محظوظين بالنظر إلى المجهودات المبذولة من طرف المجلس الجماعي والسلطات الإقليمية التي حرصت على فك العزلة عن المنطقة؛ لكن حاليا، وفي ظل الإجراءات الصحية المتخذة بسبب جائحة كورونا، عدنا إلى نقطة البداية، جراء توقف الزوار عن ارتياد المنطقة.
وطالب حجي الجهات المختصة بدعم القطاع والاهتمام بالمنطقة التي يعيش أهاليها على عائدات السياحة وبعض الزراعات التضامنية وغلات أشجار الجوز والنافع التقليدي والرعي، مشيرا إلى أنه كان واحدا ممن يشتغلون بالسياحة؛ لكن بعد بوراها جراء انتشار الجائحة، عاد ليمارس مهنا مختلفة أقل مردودية.
وأكد مستثمر بالقطاع السياحي أن “انتعاش السياحة الجبلية خلال السنوات الأخيرة جاء بفضل مجموعة من الطرق والمسالك؛ منها مشروع طريق كوسر الرابطة بين جماعة أنركي وزاوية أحنصال والطريق الرابطة بين أنركي وتيلوكيت عبر أخشان والطريق غير المصنفة بين أنركي وتاكلفت”.
وفي انتظار رفع الحجر الصحي، “يبقى مطلب تهيئة باقي المقاطع الطرقية وتعبيدها، وفك العزلة عن باقي المداشر المؤثثة للجماعة الترابية، وخاصة منها المتضمنة للمواقع السياحية، والعمل على تسويق المنطقة إعلاميا، من أهم ما يعول أصحاب القطاع السياحي لتحسين ظروف اشتغالهم‘‘، وفق ما أورده المستثمر السياحي ذاته.
وقال محمد أورجدال، رئيس الجماعة الترابية أنركي، إن “المجلس الجماعي لأنركي بذل جهودا مضنية، بشراكة مع المتدخلين في التنمية المحلية والسلطات، من أجل تأهيل الشبكة الطرقية بالجماعة وتعزيز المركز بمرافق سوسيو- اجتماعية، حيث تمكن من إنجاز مشاريع تنموية لتأهيل المرأة والفتاة والطفل وتحسين ظروف عيش الساكنة من خلال تقريب الخدمات منها.
وزاد المسؤول ذاته: “أن الجماعة الترابية وفرت في هذا الإطار، سواء بدعم من الجماعة أو في إطار شراكات مع المصالح المختصة، مشاريع تنموية عديدة؛ من ضمنها مستوصف صحي ودار للولادة ودار للأمومة ومدرسة جماعاتية وملحق إعدادية وقسم داخلي يضم 82 سريرا للذكور والإناث، وناد نسوي وست حجرات للتعليم الأولي، فضلا عن دارين لا زالتا في طور الإنجاز، الأولى للصانعة والأخرى للطالبة… كما قامت بإنجاز عدة قناطر وطرق ومسالك وبرمجت مشاريع مهمة ستجعل من أنركي قبلة للسياحة وليس معبرا موسميا”.