تقع جماعة أولاد عامر بالجنوب الشرقي لإقليم سطات، ممتدة على مساحة 200 كيلومتر مربع، وهي تابعة لقيادة القراقرة أولاد عامر المحدثة مؤخرا في النفوذ الترابي لدائرة البروج، تحدها شرقا جماعة القراقرة، وغربا سيدي أحمد الخدير، وشمالا البروج ومسكورة، وجنوبا نهر أم الربيع، وتقطنها 6773 نسمة، موزعة على 1081 أسرة، حسب إحصاء 2014، ويسيرها مجلس مكون من 15 عضوا، منهم 4 نسوة.

للوصول إلى جماعة أولاد عامر انطلاقا من سطات لا بد من قطع مسافة 90 كيلومترا عبر الطريق الجهوية 308 نحو البروج، ثم تتابع السير عبر الطريق الوطنية 23 في اتجاه قلعة السراغنة. في الطريق نصادف شبانا يلعبون كرة القدم، وفلاحون يرعون ماشيتهم، وعاملات وعمال يشتغلون في حقول الجزر.. إذ يعتمد أغلب السكان على تربية الماشية والفلاحة، رغم المناخ القاري، حيث تصل الحرارة أحيانا إلى 45 درجة صيفا، ولا تتعدى الأمطار 220 ملم سنويا، وهو ما دفع الشباب إلى الهجرة، خاصة نحو إيطاليا وإسبانيا.

قصر شاهد على مرور الاستعمار

في تصريح لهسبريس، قال عبد الله أميدي، رئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات للشاوية والدار البيضاء- فرع بني مسكين، إن قصر علي بن حمادي، الذي سمي باسمه أحد الدواوير بجماعة أولاد عامر، لا تزال أطلاله على ضفة أم الربيع، إذ بقي منه السور الشرقي، وتوجد غربه أطلال قصر حسن ولد عمر بن الفقيه سي عبد السلام.

وأضاف أميدي “يحكى أن علي بن حمادي، أحد أعيان أولاد سالم، هو أول من بنى إقامته بالمنطقة، حيث سيسمى الدوار باسمه، بعدما كان له “عزيبا للماشية”، فتشكل حوله دوار من بني عمومته. أما حسن بن الفقيه، فهو ينتمي إلى الدوار نفسه، وكان خليفة لحمو الكلاوي قائد تلوات، ولما أقيل من منصبه عاد إلى الدوار وبنى قصره كذلك، وظل هناك إلى أن وافته المنية عام 1940م، وعرف له ثلاثة أبناء، ويعود أصله إلى فخدة لهزايلة”.

تناغم بين المجلس والمجتمع المدني

طارق حليم، عن جمعية “النقل المدرسي بأولاد عامر”، قال إن المجلس نهج استراتيجية تنبني على الانفتاح على فعاليات المجتمع المدني، في إطار العمل التشاركي لتحقيق التنمية بجماعة أولاد عامر، مضيفا، في تصريح لهسبريس، أن “قطاع الماء الشروب حظي بنصيب ست اتفاقيات شراكة مع الجمعيات، قصد الربط الفردي لمنازل المواطنين بهذه المادة الحيوية، بتسيير من الجمعيات المعنية بالشراكات. وقد استفادت إلى حدود الآن خمسة دواوير من الربط الفردي بالماء الصالح للشرب، في انتظار انتهاء الأشغال الخاصة بباقي الدواوير الأخرى”.

وعلى مستوى قطاع الشباب، قال حليم إن هذه الجماعة القروية تتوفر على ملاعب لكرة القدم المصغرة، وأن المجلس قام بتوزيع بعض البدلات الرياضية على الشباب، فضلا عن استفادة الأطفال من التخييم، مشيرا إلى أن عددهم بلغ 85 طفلا وطفلة في العام ما قبل الماضي، باستثناء الموسم الماضي الذي صادف انتشار فيروس”كورونا”.

وبخصوص الإكراهات التي تعانيها الجماعة، تطرق حليم إلى عزوف الشباب في وقت سابق عن العمل الجمعوي بسبب إغلاق الأبواب في وجوههم، مشيرا إلى أن المجلس الحالي يتلقى اقتراحات المجتمع المدني ويناقشها ويأخذها بعين الاعتبار، مع دعم الأفكار والمشاريع التنموية.

وأضاف أن المجتمع المدني مقبل في الأيام القادمة على تنظيم حملة للتشجير بالمدارس وجوانب الطرقات.
وفيما يتعلق بالنقل المدرسي، أفاد حليم أن العدد يفوق 300 مستفيد ومستفيدة، يتم نقلهم بواسطة أسطول يتكون من خمس حافلات نحو مؤسسات جماعة أولاد عامر، وكذا الثانويات التأهيلية والتكوين المهني بالبروج، مشيرا إلى أن خدمات النقل المدرسي تغطي كافة تراب الجماعة.

وأوضح المتحدث ذاته أن القطاع الصحي بالجماعة يعرف نقصا على مستوى الموارد البشرية، حيث يتوفر المركز الصحي على ممرضة واحدة. وطالب بتعيين طبيب قار والرفع من عدد الأطر التمريضية للتدعيم، في انتظار إخراج مبادرة جمعوية، باتفاق وشراكة مع مندوبية الصحة، لتوفير خدمات التلقيح للأطفال ببعض الدواوير البعيدة عن المركز.

المجلس: الجماعة تتحدى الفقر

عبد الحق بلعيساوي، رئيس جماعة أولاد عامر، قال في تصريح لهسبريس إن الجماعة فقيرة رغم تواجد بعض الدكاكين ومقهى ومقلعين على جانب أم الربيع، مع انعدام سوق أسبوعي، مضيفا أن الجماعة تتحدى الفقر، وتسير بشراكة وتعاون مع المجتمع المدني وباقي المتدخلين كاللجنة الإقليمية للتنمية البشرية وبعض المحسنين، وتبحث عن شركاء آخرين للسير في طريق التنمية على مستويات عدة.

وأكد بلعيساوي أنه رغم الخصاص في الموارد البشرية كالسائقين وتقنيي المعلوميات، فإن الجماعة تقدم خدماتها اعتمادا على مجهودات 22 موظفا وموظفة، مشيرا إلى توفر الجماعة على مرافق وخدمات عدة كالنقل المدرسي لمركز الجماعة والبروج، بشراكة مع إحدى الجمعيات، وتوفير مركز للتربية والتكوين تابع للتعاون الوطني لفائدة نساء المنطقة لتعلم الطرز والخياطة والحرف المدرة للدخل ومحو الأمية، مع تعميم التعليم الأولي بشراكة مع الجمعيات ومديرية التعليم بسطات.

وركز بلعيساوي على نجاح المجلس الجماعي في توفير الماء الصالح للشرب، بشراكة مع المجتمع المدني، لفائدة دواوير الجماعة. وأضاف أن هناك دواوير استفادت من الربط الفردي، وأن الأشغال لا تزال جارية لتغطية شاملة للدواوير الأخرى بالربط الفردي، وتغطية الكوانين بالكهرباء بنسبة 95 في المائة، وتوفير ملاعب خاصة بكرة القدم المصغرة لفائدة شباب المنطقة.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن المجلس راهن منذ البداية على فك العزلة عن العالم القروي بإحداث عدد كبير من المسالك الطرقية التي تربط الدواوير بالمركز، وكذلك بالشبكة الطرقية المحيطة بالجماعة، منها ما هو بتمويل ذاتي، ومنها ما هو بشراكة مع باقي المتدخلين كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

وحول الإكراهات التي تعانيها الجماعة، أوضح بلعيساوي أن الجانب المادي يبقى أول هذه الإكراهات، بالنظر إلى قلة المداخيل، وغياب مصادر التمويل، مشيرا إلى أن انتشار الفقر وتوالي سنوات الجفاف أديا إلى الهجرة الخارجية، فضلا عن اللجوء إلى الحلول البديلة كغرس أشجار الزيتون والرمان وغيرهما.

hespress.com