يبدو أن حلم القضاء على دور الصفيح بمدينة وزان بات بعيد المنال، هذا ما أكدته نقطتا الدورة الاستثنائية لمجلس جماعة “دار الضمانة”، والتي شهدت “قربالة” وتبادلا للاتهامات بتسييس موضوع إعادة هيكلة “غرسة الشبوك” في إطار برنامج محاربة دور الصفيح والبراريك.
“أياد خفية”
لم تكن لتمر زيارة لجنة تفتيش من وزارة الداخلية إلى مقر جماعة وزان، قبل أيام، مرور الكرام؛ فقد وصفت مصادر جريدة هسبريس الزيارة بـ”المدفوعة” من جهات معينة، على اعتبار أن حلولها جاء قصد البحث في موضوع وحيد وأوحد وهو “غرسة الشبوك”؛ وهو ما يعني أن جهة ما لها مصلحة في عرقلة مشروع القضاء على “البراريك”، وتلعب بالنار وتتاجر بمآسي السكان.
وعلى الرغم من اصطفاف “دار الضمانة” في خندق المدن المحاربة السكن العشوائي ودور الصفيح بهدف طي صفحة البداوة وعلى الرغم من كل السنوات التي تلت إطلاق برنامج “مدن بدون صفيح”، فإن “غرسة الشبوك” ظلت بؤرة لتناسل “البراريك” وتحولت من أرض فلاحية مثمرة إلى تجمع صفيحي بين مطرقة الفقر وسندان البراكة على مدى عقود خلت، ولم تكن تلك السنوات كافية لاجتثاث هذه البؤرة السوداء المتوقعة في هذا الجزء من المدينة ولا تزال عشرات الأسر تقطن دورا صفيحية إلى اليوم، ليظل هذا المشكل القديم الجديد شاهدا على بؤس الحياة وضراوة العيش وفشل المجالس المتعاقبة.
مشكل قديم
قبل أزيد من ثلاثة عقود من الآن، لم يكن لأي “براكة أثر” بـ”غرسة الشبوك”. وكانت القطعة الأرضية ذات الرسم العقاري 603-21/R المسماة بستان الزيتون 2، الكائنة بحي المجازر وسط مدينة وزان، في ملكية عبد السلام الشبوك بعقد توثيقي عدلي من معمر فرنسي. ونظرا لضعف التكوين القانوني للهالك، لم يتقدم إلى المصالح المختصة بالوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية بعقد الشراء قصد تسجيل القطعة في اسمه.
يضم حي “غرسة الشبوك”، حاليا، عشرات الأسر أغلبها من المعوزين الذين قادتهم الأقدار إلى التعايش مع مخلفات المدينة؛ من الواد الحار وناموسه وأوحال الطرق. كل هذه الظروف تقبلها سكان الحي الصفيحي المذكور على مضض وتعايشوا معها، قبل أن يكتشفوا أنه تم السطو على أراضيهم وتسجيلها باسم أملاك الدولة، بدون إشعارهم وضدا على القانون الذي كان يمنع آنذاك تحويل الأراضي في المجال الحضري إلى ملكية الدولة.
وساطة الجماعة
محمد المرابط، مستشار جماعي، قال إن “غرسة الشبوك” تعد أحد أكبر معيقات التوسع العمراني بالمدينة، مؤكدا أن مشكل هذا التجمع السكاني كان قريبا من الحل قبل يفرمل من طرف جهات خفية.
وأضاف المتحدث ذاته أن الجماعة الترابية لوزان لعبت دور الوسيط بين أملاك الدولة وودادية الحي باقتنائها للوعاء العقاري وتفويته بثمن رمزي ومع منح شهادة الاستفادة التي على أساسها يقوم المستفيد بتحويل حصته من المساهمة في التجهيز؛ وذلك عقب اجتماعات ولقاءات ماراثونية بحضور السلطة الإقليمية والمحلية وتأشير منها، وهو ما تؤكده المحاضر.
واستغرب المستشار الجماعي ذاته مراسلة السلطة الإقليمية لرئاسة المجلس الجماعي بضرورة عقد دورة استثنائية من أجل سحب قرار الاتفاقية؛ وذلك غداة زيارة لجنة التفتيش من وزارة الداخلية دون التوفر على نسخة من التقرير الذي أعدته هذه الأخيرة، واصفا قرار سحب تنفيذ الاتفاقية بغير القانوني.
وفي هذا الصدد، قال عبد الصمد الدكالي، رئيس ودادية ساحة الزيتون، في تصريح لهسبريس، أنه تفاجأ بإدراج نقطتين تهم فسخ اتفاقية الشراكة المبرمة بين جماعة وزان وعمالة إقليم وزان والودادية السكنية ساحة الزيتون، والتي كان الهدف منها تسوية وضعية المساكن والمباني والقطع الأرضية غير المهيكلة بعد مسار طويل وسنوات عجاف من التسوية.
الدكالي، الذي كان محملًا بأوراق وشكايات توثق مسارا من الانتظار والشكايات والمراسلات، أكد أن على أن أي خطوة للرجوع إلى الوراء بخصوص ملف حي “غرسة الشبوك” هي محاولة لإقبار هذا الملف الذي عمّر لأكثر من 40 سنة وتركه في الرفوف، بعد عقود من المعاناة وبعد ظهور بارقة أمل أنارتها عمالة الإقليم ومجلس جماعة المدينة.
وفي انتظار عقد دورة استثنائية أخرى لمجلس الجماعة، لا يملك سكان الحي الصفيحي “غرسة الشبوك” بمدينة وزان إلا انتظار عطف ملكي، للحصول على سكن لائق يحميهم من برد الشتاء القارس وحر الصيف القائظ.