أين مناقشة الحصيلة؟
أرشيف


إبراهيم أقنسوس


الخميس 11 مارس 2021 – 01:26

في جميع الأحوال، ليس “العدالة والتنمية” إلا حزبا سياسيا مغربيا يستجيب بداهة لحاجة اجتماعية، ويمثل افتراضا شريحة معينة من المواطنين، كما يمثل غيره شرائح أخرى، اتفقنا مع ذلك أو اختلفنا.

وكان من الممكن المفيد أن يتجه النقاش السياسي اليوم إلى قراءة عالمة ومسؤولة وكاشفة لحصيلة هذا الحزب، الحكومية والجماعاتية، بما يفيد الوطن والمواطنين في امتلاك رؤية واضحة وناضجة حول خطاب “العدالة والتنمية” واختياراته النظرية، وحول حصيلته التدبيرية، رفقة أغلبيته، بعد ولايتين متتاليتين، على رأس الحكومة.. فما أحوجنا اليوم إلى خطاب الوضوح والتعقل والمسؤولية؛ فالزمن الانتخابي هو زمن المحاسبة، وزمن النقاش المسؤول والصريح، وزمن الكشف عن الحقيقة، حقيقة بلادنا، وما يجب أن تكون عليه.. فلا فائدة ترجى من كيل الشتائم، وإذكاء الخصومات الطائفية، وتبادل حملات الهجوم، وقصائد الهجاء، فلسنا في مباراة للملاكمة، بل في لحظة جديدة لبناء الوطن، أو هكذا يصح أن تكون اللحظة الانتخابية، بالمعنى الديمقراطي للكلمة.

واضح جدا أن مسألة التقسيم الانتخابي، باعتماد عدد المسجلين، ليست إلا جوابا سياسيا، يهم جزئيا حزب العدالة والتنمية، كما يهم كليا خريطة سياسية، يراد صناعتها بلا مفاجآت ولا تشويشات، غير منضبطة.

والمؤكد طبعا أن الأمر يتعلق بإشارة سلبية، غير ديمقراطية، ليست موجهة بالضرورة إلى حزب العدالة والتنمية؛ بل تعني كل المشهد الحزبي في بلادنا.. وهذا ما لم يفهمه الكثيرون، في غمرة الجري وراء المغانم القريبة.

ما هي الحصيلة التدبيرية للحكومة الحالية، هل نملك جوابا موضوعيا، بعيدا عن لغة الاصطفافات والإخوانيات؟، أو بلاغة الإقصاء والمصادرات؟، ماذا كان يفعل “العدالة والتنمية”، رفقة أغلبيته، طيلة ولايتين حكوميتين؟، في ماذا نجح، إن كان قد نجح؟، وفي ماذا أخفق؟، وأين يكمن الخلل بالضبط؟، هل المشكل في الإرادة السياسية؟، أم في الرؤية التغييرية؟، أم في البرنامج؟، أم فيها جميعا؟، أم أن المشكل في عمقه يوجد في أماكن أخرى، مفارقة لكل هذا، وهي التي تتحكم في التدبير، بالمعنى الإجرائي والفعلي للكلمة؟.

في الأحوال العادية، وبالمنطق الديمقراطي، يعتبر الموسم الانتخابي مناسبة سانحة لبسط النقاش وتوسيعه في كل القضايا المرتبطة بالسلط التشريعية والتنفيذية في البلاد، بكل عناصرها وحيثياتها، في أفق البحث عن بدائل ممكنة وأكثر نجاعة، سواء على مستوى المنتخبين أو على مستوى السياسات العمومية.

السؤال هو: أين كل هذا مما يعتمل اليوم في مشهدنا السياسي، الذي اختزل كل النقاش في مواجهات حدية حول قضايا هامشية أريد لها أن تكون رئيسية؟ بين أحزاب، أغلبها تحول إلى كيانات انتخابية.

hespress.com