ليلة عصيبة مر منها حزب العدالة والتنمية إثر تقديم المصطفى الرميد استقالته من منصبه الحكومي لأسباب مرضية، تلتها استقالة إدريس الأزمي الإدريسي من رئاسة المجلس الوطني ومن الأمانة العامة للحزب.

وبرزت خلافات قوية داخل حزب العدالة والتنمية منذ توقيع الأمين العام للحزب رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، على اتفاقية استئناف العلاقات مع إسرائيل، وتعمقت هذه الخلافات بعد إعداد وزارة الداخلية طرح مشروع تقنين القنب الهندي على طاولة المجلس الحكومي قصد المصادقة عليه، وهو الأمر الذي كان “البيجيدي” يعارضه بشدة بسبب ما يعتبره استغلالا سياسيا للملف من قبل خصومه السياسيين، وبسبب نقاش أخلاقي ينطلق من كون تقنين “الكيف” هو بمثابة “شرعنة للمخدرات”، كما صرح بذلك عبد الإله بنكيران.

وبرر الأزمي استقالته بالقول: “لم أعد أتحمل ولا أستوعب ولا أستطيع أن أفسر أو أستسيغ ما يجري داخل الحزب ولا أقدر أن أغيره، وعليه لا يمكنني أن أسايره من هذا الموقع أو أكون شاهدا عليه”، مضيفا: “مهما كان حمل هذا القرار صعبا ووقعه وأثره، فلن يعادله في ذلك حجم التحمل الكبير والصبر الطويل ونحن نمني أنفسنا بأن هذه ربما هي الأخيرة”.

وقسمت مسألة استئناف العلاقات مع إسرائيل قيادة حزب العدالة والتنمية إلى فريقين؛ الأول بقيادة العثماني والرباح واعمارة، وينادي بمسايرة توجه الدولة في تدبير المرحلة الحكومية، خصوصا أن الأمر يتعلق بقرار ملكي، وهو ما دفع الوزير الرباح إلى التعبير عن استعداده إلى زيارة تل أبيب في إطار مهمة رسمية.

الفريق ثاني يضم الأزمي والمقرئ أبو زيد وآخرين يعتبرون أن “التطبيع” ضربة قاضية تعرض لها الحزب، وأحرجه أمام القواعد والمتعاطفين.

وعاد مطلب عقد مؤتمر استثنائي لـ”البيجيدي” للإطاحة بالأمين العام سعد الدين العثماني إلى الواجهة؛ إذ اعتبر حسن حمورو، عضو المجلس الوطني للحزب، أنه يوجد “حل وسط ربما تأخرنا فيه بعض الشيء ولكن ما يزال ممكنا، ألا وهو المؤتمر الاستثنائي”.

وأضاف حمورو، وهو أحد الغاضبين من تدبير العثماني للحزب، أن “استقالة الأخ وزير الدولة مصطفى الرميد من الحكومة، واستقالة الأخ إدريس الإدريسي الأزمي من رئاسة المجلس الوطني للحزب، تطرحان على مناضلي العدالة والتنمية أن يحددوا ما يريدون؛ هل حزبهم أم الانتخابات؟”.

وكشف المصدر ذاته أنه راسل رئيس المجلس الوطني للحزب إدريس الأزمي الإدريسي، قبل استقالته، ورئاسة لجنة الشؤون السياسية والسياسات العمومية بالمجلس، ملتمسا عقد اجتماع للجنة لتدارس الموقف من تقنين زراعة القنب الهندي، في ضوء المستجد الأخير المتعلق بتداول المجلس الحكومي في مشروع القانون رقم 13.21 يتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي.

وشدد المتحدث، في تدوينة على حسابه بموقع “فيسبوك”، أنه “لا يمكن لوزراء الحزب، بمن فيهم الأخ رئيس الحكومة، أن يتحملوا لوحدهم عبء الموقف من قضية حارقة مثل هاته، وعلى مؤسسات الحزب أن تساهم انطلاقا من مسؤولياتها في ترشيد النقاش والموقف من هذه القضية، حتى لا يتم توظيفها واستغلالها في مسلسل إضعاف الحزب وتعميق التناقضات داخله وبينه وبين المجتمع”.

من جهتها، قالت النائبة البرلمانية عن “البيجيدي” أمينة ماء العينين، تعليقا على استقالة الأزمي، إن الحزب “يحتاج كل أبنائه الأوفياء ومناضلاته ومناضليه ليسهموا في مساعدته على تجاوز الأزمة. الأزمة التي يجب أن نواجهها وألا نجبن أمامها وألا نستمر في إنكارها كما فعل بعضنا وقد أخطأ في ذلك”.

وتابعت قائلة إن “انتقاد أبناء الحزب لبعض اختياراته وتعبيرهم عن الغضب يستحق الإنصات والجدية في الإنصات والاستباق مهما كانت حدة النقد وقسوته مادام المحرك هو الغيرة على الحزب ومستقبله”، في إشارة إلى رفض قيادة “البيجيدي” نقاش القضايا السياسية المحرجة.

hespress.com