يتجه المغرب إلى إعادة تعمير مدينة الكويرة الواقعة في أقصى الأقاليم الجنوبية وبسط سيادته عليها، في إطار متغيرات على الأرض انطلقت منذ تحرير معبر الكركرات في 13 نونبر من السنة الماضية، وهو ما سيشكل فرصة واعدة أمام المملكة للقطع مع أطماع الجزائر في الوصول إلى الأطلسي.

ويدرس المغرب إمكانية إنشاء ميناء الكويرة الكبير وإعادة تعمير هذه المنطقة الاستراتيجية الواقعة في أقصى جنوب المملكة، نظرا للدور الحيوي الذي يمكن أن تلعبه في الربط البحري بين الشمال والجنوب ومنطقة الساحل.

وبعد ميناء الداخلة الذي يشكل واجهة بحرية للمعبر الحدودي الكركرات، وهو ما من شأنه أن يخفف من المشاكل المرتبطة بهذا المعبر الاقتصادي الذي سيضم أيضا مشروعا يتعلق بإنشاء منصة لوجيستية، يرتقب أن تنخرط المملكة في إنشاء منطقة بحرية في الكويرة، خاصة في ظل التحولات الإقليمية الأخيرة.

وقال المحلل الأمني والاستراتيجي محمد الطيار إن “منطقة لكويرة أرض مغربية تاريخيا، وبسط السيادة عليها أمر حتمي، فموقعها الاستراتيجي الاستثنائي والمتميز شكل موضوع أطماع النظام العسكري الجزائري الذي حاول مرات عدة اختراق منطقة ما كان يعرف قديما بشبه جزيرة الرأس الأبيض، المشكلة حاليا من لكويرة المغربية ونواذيبو الموريتانية”.

وأضاف الطيار، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ “أول هذه المحاولات كانت خلال عام 1975، حيث قامت القوات العسكرية الجزائرية بنقل حوالي سبعين عنصرا من مجندي البوليساريو، المؤطرين من طرف ضباط جزائريين، بشاحنات جزائرية إلى لكويرة عبر نواذيبو، وجندت عددا آخر في عين المكان، ورفعت علم البوليساريو فيها”.

وشدد الخبير ذاته على أن “هؤلاء المجندين لم يمكثوا في لكويرة أكثر من شهر، وانسحبوا بسبب اندلاع الحرب مع موريتانيا وهجوم الهواري بومدين عليها بواسطة مليشيات البوليساريو، عقابا للرئيس الموريتاني آنذاك المختار ولد داداه لانحيازه إلى المغرب.”

وفي هذا الصدد، يورد المحلل ذاته، فـ”من نتائج الانتصار الساحق للمغرب في قضية الكركرات وبدون أن يضيع رصاصة واحدة، بسطه لسيادته على كامل ترابه الوطني، ومنها منطقة لكويرة التي تفرض تدابير الحفاظ على الأمن القومي المغربي إعادة إعمارها، وتوفير جميع المرافق الضرورية لرجوع الساكنة إليها وإعادة الحياة إليها من جديد”.

وأوضح الخبير نفسه أن “إعادة إعمار لكويرة سيكون لها الأثر العظيم على هذه المنطقة الاستراتيجية، وسيتم سد باب أطماع النظام العسكري إلى الأبد في الوصول إلى المحيط الأطلسي على حساب التراب المغربي”.

ويرى الطيار أن “إعمار لكويرة سيكون له الأثر الحميد على موريتانيا، فلن تعد هناك أي حواجز تفصلها عن المغرب، وهذا الأمر من شأنه أن يجعلها تشعر بالأمان، ويدفعها إلى الخروج من الموقف الذي تسميه بالحيادي في قضية الصحراء المغربية، وهو موقف فرض عليها عنوة بالتهديد والوعد والوعيد من طرف النظام العسكري الجزائري منذ عهد الهواري بومدين”.

وختم المحلل الأمني والاستراتيجي تصريحه بالقول إن “إعادة إعمار مدينة لكويرة سينعكس بشكل إيجابي على المنطقة التي ستتحول إلى منصة سياحية وبحرية متقدمة ومهمة في تنمية الجانب المغربي وكذا الموريتاني من شبه الجزيرة”.

hespress.com