رفض صحافيون وإعلاميون جزائريون تطاول قناة “الشروق”، في برنامجها “ويكند ستوري”، على شخص الملك محمد السادس عبر تجسيده في دمية كرتونية، بمشاركة سليمان سعداوي، النائب عن حزب “جبهة التحرير الوطني” الحاكم في الجزائر، وطالبوا الحكومة الجزائرية بالتّدخل بشكل حازم لوقف “هذا العبث” و”قلة الأدب”، وفق تعبيرهم.

وليست هذه المرة الأولى التي يبث فيها الإعلام العسكري “المؤدلج” سمومه ضد الوحدة الترابية ورموز المملكة؛ فقد سبق للبرنامج التلفزيوني ذاته أن قدّم سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، على شكل “دمية” في الحلقة السّابقة، ويقوم في المقابل بتحوير الحقائق والترويج لأطروحة الانفصال بشكل علني بدون أي رقابة على برمجته وضيوفه.

واستمرّ الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي ليمتد من الرّباط إلى الجزائر العاصمة، حيث انتقد إعلاميون في الجارة الشرقية ما اعتبروه “سقطة إعلامية مدوية” لقناة “الشّروق”، المقربة من النظام العسكري الجزائري.

وقال نسيم ربيكة، إعلامي جزائري في قناة “بيين سبور”، إن “ما فعلته قناة الشروق والاستهزاء بملك المغرب قلة أدب وليس له علاقة بالإعلام السّاخر، بل له علاقة بمنتج ومسؤول قناة أراد أن يرتقي بلباس غيره فأضحك عليه الناس”، مضيفا: “لا أؤيد أي مبادرة من شأنها بث الفتنة بين الشعبين الشقيقين”.

وبالرّفض نفسه، قال الإعلامي الجزائري جمال جبلي: “يمكنك أن تساند مواقف حكومة دولتك إن شئت، وتتبناها إن أردت، لكن العاقل هو من لا يتهور ويقول كلاما غير لائق في حق أي كان، فما بالكم بملك بلد شقيق، نعم شقيق في الدين والعربية والأمازيغية، وجار”، داعيا سلطة السمعي البصري أن “تأخذ القضية مأخذ الجد وتوقف مثل هذه التصرفات اللامسؤولة”، مشددا على أن “الاختلاف ممكن لكن الاحترام واجب”.

وقال الحقوقي والمحامي المغربي نوفل البعمري إنّ “التقرير الذي قدمته قناة الشروق، المعروف ارتباطاتها بالعسكر الجزائري، ليس الأول من نوعه، لقد سبق لهم أن أساؤوا إلى المغرب ومؤسساته، هذه المرة ازداد حجم استفزازهم الإعلامي ليمس ملك البلد ورمز سيادته ووحدته، وهو هجوم يجب وضعه في سياقه، سياق الانتصارات التي حققها المغرب وكان الملك هو القائد لها”.

وعدد المحلل ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، هذه الانتصارات، فـ”على المستوى الطبي، المغرب وصل إلى تلقيح أكثر من مليون مواطن. على المستوى السياسي، المغرب حقق انتصارات كبيرة، آخرها رفض الإدارة الديمقراطية الجديدة الأمريكية تغيير موقفها من الصحراء، بل خرجت تصريحات من محيط بايدن تفيد تشجيعه لمختلف الخطوات التي اعتبرت تاريخية في سبيل تعزيز التقارب والتعاون والسلام بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.

وتوقّف المتحدث عند “ما تحقق على مستوى إفريقيا، خاصة القمة 34 للاتحاد الإفريقي التي كان فيها حضور المغرب لافتا من حيث الدور الذي يلعبه في إفريقيا لمواجهة الفيروس المستجد ولتحقيق رهان التنمية، كما أنه استطاع إحداث تغييرات جذرية مهمة ستنعكس على أداء الاتحاد الإفريقي وستجعله أكثر توازنا وقدرة على لعب دوره الكامل، خاصة على مستوى مفوضية السّلم والأمن الإفريقية التي كانت مستغلة من طرف الجزائر”.

وتابع البعمري بأن الجزائر أصبحت اليوم مفلسة سياسيا؛ بحيث فشلت في إقناع الشارع بالعرض الذي كانت قد قدمته للحراك الذي يخلد ذكراه الثانية في غضون أيام قليلة؛ إذ تجددت المسيرات المطالبة بالتغيير وبإسقاط النظام العسكري والطغمة الحاكمة، وهو نظام مفلس اقتصاديا، وذلك واضح في عجزه على توفير المواد الأساسية من حليب ودقيق للشعب الجزائري، حتى باتت وسائل التواصل الاجتماعي تنقل يوميا مشاهد مهينة لطوابير من الجزائريين ينتظرون نصيبهم من الحليب.

وأورد المحلل أن العقد النفسية التاريخية التي تجر وراءها سلسلة من الهزائم، خاصة منها العسكرية أثناء حرب الرمال وبعدها حرب مغالة التي ردد فيها بومدين بحسرة عبارة “حكرونا المراركة”، ومقولة “عطاونا طريحة”، والمستمرة إلى الآن سياسيا واقتصاديا، “أدخلت هذا النظام في حالة من الهذيان والسعار الإعلامي للتعويض عن (الطريحة) الأخيرة التي أخذوها في الاتحاد الإفريقي”.

hespress.com