تستعد الدولة لفتح الطريق أمام “تقنين” زراعة الكيف في منطقة الشمال، بعد مصادقة الحكومة على مشروع القانون الذي سيحدد الاستعمالات المشروعة لهذه النبتة في الاستعمال الطبي، بينما يطالب نشطاء مغاربة بالعفو الشامل عن مزارعي “الكيف” وحصر المناطق المعنية بالقانون الجديد، معتبرين أن التقنين من شأنه المساهمة في الحد من الفوارق الاجتماعية.

وفي غمرة الاستعداد للانتخابات المحلية والتشريعية، التي ستجرى في أواخر هذا العام، انبثق نقاش “تقنين الكيف” بالمغرب وسط آمال عريضة بتمكين المزارعين من آليات للاستفادة من محصولهم الزراعي بشكل قانوني، والسماح باستخدام القنب الهندي في المجال الطبي، وهو نقاش “قديم” يتجدد مع كل مناسبة انتخابية، غير أنه يبدو اليوم أن هناك توجها رسميا للحسم في هذا الموضوع.

الفاعل الحقوقي عبد الإله الخضري قال إن “تقنين زراعة الكيف وفق الرؤية الحكومية، حسب التصريحات السياسية المتداولة، تعتريه الكثير من المعيقات والمطبات التي تصب في مآل الفشل المحتوم”، مبرزا أن “الحديث عن الحد من الفوارق الاجتماعية بفضل تقنين هذه النبتة، ضرب من الخيال لا غير، لأن أول اعتبار يتبادر إلى الذهن يتعلق بالجدوى الاقتصادية”.

وأضاف المتخصص في الاقتصاد والابتكار أن “البديل الذي تقدمه الحكومة لا يرقى حتى إلى ربع العائد مقارنة مع الوضعية الحالية، ثم إن سلسلتي الإنتاج والتوريد ستصبحان في حالة اختلال بنيوي، وهو الوضع الذي يشجع على الانجرار التلقائي نحو إغراءات بارونات المخدرات”.

من ناحية أخرى، يتابع الخضري، فـ”القبضة الأمنية لا يبدو أنها تجدي نفعا إزاء هذه الأوضاع، لذلك فالبديل الاقتصادي يبقى حتميا، لكن في إطار برنامج تنموي مندمج يثمن مقومات المنطقة على المدى البعيد، مع إيجاد حلول مؤقتة إلى حين تحقيق برنامج التنمية المنشود، وكلها أمور تحتاج إلى استثمارات حكومية كبيرة وتحفيزات للاستثمار الخاص”.

وشدد المتحدث على أن “المطالبين بتوسيع تقنين زراعة الكيف لتشمل مناطق أخرى، لديهم أهداف سياسية صرفة، لا يفقهون في الاقتصاد، ويلعبون لمصالح لوبياتهم، ولا يكترثون بما يقدمون عليه من تخريب ممنهج لمستقبل الأمة ولا إلى صورة البلاد ولا إلى شروط التنمية الديمقراطية المنشودة”، موردا: “ليس هناك من مبرر لدى فلاحي تلك المناطق الأخرى، مثل إقليم العرائش وطنجة مثلا والدواوير المجاورة لهما”.

وواصل بأن “ما يعانيه الفلاحون في هذه المناطق يتعلق بالفساد المستشري في المؤسسات القائمة على المجال الفلاحي هناك، وغض الطرف من بعض ممثلي السلطات، وتهافت بعض السياسيين للظهور بمظهر المدافعين عن مصالح الفلاحين. هناك غياب للرؤية، وغياب الكفاءة وروح المسؤولية والضمير الوطني. هناك وعاء عقاري في وضعية معقدة. هناك سياسات فلاحية جعلت أكثر من نصف الفلاحين البسطاء في وضعية مدين طول العمر، فلينظروا إلى جوهر الاختلال بدل أن يزيدوا الطين بلة”.

وشدد الخضري على أن “الاتجار بالمخدرات لن ينتهي بتقنين الكيف، بل إن أموال تجار المخدرات خربت الاقتصاد الوطني داخليا وستستمر في جرائمها هاته، مما سيعقد من جهود التنمية تعقيدا منقطع النظير”.

hespress.com