من التقنيات إلى الاستثمارات والسياحة، تستعد الدول الإفريقية الممثّلة على نطاق واسع في معرض “إكسبو دبي” العالمي لإبراز صورة قارة حديثة وطموحة للعالم، بعيدا عن مظاهر البؤس والحرب التي لطالما التصقت بها.
ولأول مرة، ستحضر جميع الدول الإفريقية تقريبا هذا الحدث المهم الذي كان من المقرّر تنظيمه العام الماضي في الإمارة الخليجية قبل أن يجري تأجيله حتى أكتوبر المقبل بسبب جائحة “كوفيد-19”.
وبين الأجنحة شبه المكتملة والأخرى التي ما تزال قيد الإنشاء، سعت الوفود الإفريقية لإبراز طموحاتها على هامش اجتماع لممثلين عن الدول المشاركة هذا الأسبوع في دبي، إحدى أهم المقاصد السياحية في العالم.
وبالنسبة للاتحاد الإفريقي الذي يُمثّل لأول مرة كمؤسّسة، فإنّ هذا الحدث هو “فرصة” لتغيير “التصوّر” الذي ينظر من خلاله العالم إلى إفريقيا، ولإثبات أنّه منظومة “جاهزة للقيام بأعمال تجارية”.
وقال رئيس الشراكات الاستراتيجية في الاتحاد الإفريقي ومفوّضه ليفي أوشي مادويكي لوكالة فرانس برس: “حان الوقت لنتواصل مع العالم ولأن يفهمنا العالم ويرى كيف يمكن أن يتعاون معنا”.
ورغم أنّه ما زال يتعين على إفريقيا تطوير بنيتها التحتية وإزالة بعض الحواجز أمام التجارة الدولية، أكّد أنّ لديها “الكثير لتقدّمه”، مشيرا إلى الموارد الطبيعية أو الاستثمارات في المستقبل في قارة سيكون أكثر من نصف سكّانها، وعددهم مليار نسمة، تحت سن 25 عاما في 2050.
من الماضي
في مسعى لترسيخ موقعها على الساحة الدولية، عزّزت الإمارات وجودها السياسي والاقتصادي في إفريقيا في السنوات الأخيرة، وخاصة في القرن الإفريقي.
ومن بين هذه الدول، الكونغو الديمقراطية التي شوّهتها الصراعات والفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، لكنّها أصبحت تقول الآن إنّ الهدف هو دعوة العالم إلى الاستثمار بشكل جماعي.
ويقول المفوّض العام للكونغو الديمقراطية في معرض “إكسبو 2020” إنه “في كثير من الأحيان عندما نتحدّث عن (الذهاب إلى) إفريقيا والكونغو، سيقول الناس لك لا، فهناك حرب في الشرق وهناك متمرّدون. لكن في الحقيقة لدينا كل ما نحتاجه. كينشاسا، بأمسياتها، أصبحت جيدة للعيش فيها”.
وتستعد الدولة المعروفة بتربتها الغنية بالموارد المعدنية، لإطلاق تسجيلات مصوّرة ترويجية حول الثقافات والمساحات الطبيعية التي من المفترض أن تجذب السياح. ويعتزم الجناح الكونغولي التركيز على الزراعة أيضا.
وأوضح المسؤول ذاته أنّ “الكونغو عبارة عن 80 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة. نحن نستغل 10 بالمئة فقط”. ولجذب المستثمرين، تم إصدار “قانون الأراضي، ونحن نبذل جهودا كبيرة لتحسين أجواء الأعمال”.
وتابع قائلا: “صورة إفريقيا بأنّها تصدّر البؤس والمعاناة والحرب، أصبحت من الماضي”.
الترويج
ما تزال الدول الواقعة في أسفل تصنيفات مؤشر التنمية البشرية العالمي في معظمها إفريقية، لكن القارة شهدت 25 عاما من النمو قبل أن تسقط في الركود الاقتصادي في عام 2020 بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن وباء” كوفيد-19″، بحسب البنك الدولي.
وباستثناء دول معيّنة مثل رواندا والمغرب وكينيا، تبقى البلدان الإفريقية في موقع ضعيف في التصنيف العالمي في ما يتعلق بسهولة ممارسة الأعمال التجارية.
وفي دبي، أكّد وفد بنين لفرانس برس أنّ الدولة تبذل قصارى جهدها لتعزيز السياحة وتحسين مناخ الأعمال من خلال الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها مؤخرا وإعادة تأهيل المواقع الثقافية.
وقالت المفوض العام في “إكسبو 2020” إينيس مونوانو لفرانس برس: “الهدف هو الترويج لبنين كوجهة”، مضيفة: “نأمل أن ينتقل عدد كبير من السياح ورجال الأعمال والصناعات الكبرى إلى بنين”.
حتى بالنسبة لدول الوزن الثقيل في القارة، يبقى معرض دبي العالمي مقصدا مهما.
ومن بين هذه الدول، مصر، الوجهة السياحية الكبرى، التي تجذب الزوار بفضل أهراماتها والكتابة الهيروغليفية، لكن الهدف قبل كل شيء إظهار إمكانات الاستثمار والتعاون، خاصة في مجال التقنيات الحديثة.
وقال المسؤول في وزارة التجارة والصناعة المصرية أحمد مغاوري دياب: “أعتقد أنّ العالم بدأ ينظر إلى إفريقيا ويعيد اكتشافها مرّة أخرى”، مضيفا أنّ “إفريقيا كقارة فيها كثير من العقبات ولكنها بدأت تنمو فكريا وتقف على مقوماتها”.