يلعب التعليم الأولي دورا مهما في تربية الأطفال ما قبل سن التمدرس القانوني، باعتباره محفزا على التعليم في سن يقوم فيه الطفل ببناء شخصيته وتنميتها في عالم بعيد عن أسرته، كما يشكل بالنسبة إلى هذه الفئة العمرية دعامة أساسية في الاندماج الاجتماعي.
يشكل التعليم الأولي الذي يتلقاه الطفل البالغ من العمر ما بين أربع وست سنوات حلقة وصل بين الأسرة والمدرسة، حيث يقوم الطفل بتنمية شخصيته واحترام حقوقه في وسط تربوي بعيدا عن أسرته؛ وبالتالي فالتعليم الأولي يساهم في محاربة الهدر المدرسي، ويساعد في ترسيخ القيم الثقافية والمعرفية والدينية والأخلاقية في نفسية ووجدان الطفل.
وأجمع عدد من الآباء وأولياء أمور الأطفال بإقليم تنغير على أن “التعليم الأولي بالإقليم عرف تطورا ملحوظا نتيجة الجهود المبذولة من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وشركائها في هذا الإطار؛ لكن بالرغم من ذلك ما زال القطاع يعرف إكراهات، تتمثل في ضعفه بالعالم القروي وتفاوت في البنيات التحتية للمؤسسات المستقبلة”، وفق تعبيرهم.
أرقام حول التعليم الأولي
حسب الإحصائيات التي وفرها جمال المجبري، المسؤول الإقليمي للمؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي بتنغير، فإن الإقليم يتوفر على 183 وحدة للتعليم الأولي مكونة من 196 حجرة دراسية، ما بين سنتي 2019 و2020، من بينهما 66 حجرة تم بناؤها بمعايير ذات جودة، بالإضافة إلى قسم نموذجي بالمجال القروي.
وأشار المسؤول ذاته، في تصريح لهسبريس، إلى أن مجموع الأطر التربوية خلال سنتي 2019 و2020 بلغ 196 مربيا ومربية، بالإضافة إلى مؤطرين مكلفين بمهام مواكبة وتتبع المربين والمربيات قصد الاندماج المهني وكذا تطوير الأداء المهني.
وبلغ مجموع التسجيلات في صفوف الأطفال ما قبل سن التمدرس خلال الموسم الدراسي بمختلف مناطق الإقليم 1850 طفلا وطفلة، حسب المتحدث ذاته، الذي أكد أن التطور الذي يعرفه قطاع التعليم الأولي بإقليم تنغير راجع بالأساس إلى مجهودات السلطة الإقليمية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي والأطر التربوية.
الاندماج المهني
بفضل عقد الإنجاز المبرم بين المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تم إحداث مجموعة وحدات التعليم الأولي بالمجالين القروي والحضري بمختلف الدوائر الترابية بالإقليم، يقول ممثل المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي بتنغير، مشيرا إلى أنه وفي إطار هذا المشروع حرصت المؤسسة بتنسيق مع شركائها على انتقاء وتكوين جميع المربين والمربيات تكوينا أساسيا يتضمن الشق النظري والشق التطبيقي الذي يساهم في اندماج المربين والمربيات في ميدان ما قبل المدرس.
وأضاف المسؤول ذاته أنه، ولتطوير الأداء المهني للأطر التربوية، تم تعيين هيئة مكلفة بالتتبع والمصاحبة التربوية للمربين قصد الاندماج المهني لهم. كما وفرت المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي بتنغير جميع التجهيزات واللوازم والأدوات المدرسية الضرورية لسير العملية التعليمية التعلمية، وكذا تسهيل عملية تنشيط الأنشطة التربوية داخل الوحدات موضوع عقد الإنجاز.
و”في السياق نفسه تعتمد المؤسسة على بيداغوجية تقوم على اللعب، وتتمحور حول الطفل كونه هو محور العملية. وهذا من خلال سلسلة تربوية مصادق عليها من طرف الوزارة، وتستجيب بمعايير الإطار المنهجي، وتراعي خصوصيات وإبداع نمو الطفل تسمى سلسلة “التفتح والإبداع” التي تتكون من مجموع من العناصر كدليل المربي والمعينات الديداكتيكية وأيضا كراسة الطفل باللغتين العربية والفرنسية”، يقول المتحدث ذاته.
وأوضح المسؤول ذاته أن كل هاته الإنجازات تمت بفضل مجهودات حسن الزيتوني، عامل إقليم تنغير، وأيضا كافة الشركاء؛ بغية تعميم تعليم أولي ذي جودة بالإقليم، وضمان تكافؤ الفرص بين جميع الأطفال.
تتبع ومصاحبة
زهرة الفارس، المكلفة بالتتبع والمصاحبة التربوية بفرع المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي على مستوى إقليم تنغير، تقوم بمراقبة وحدات التعليم الأولي بعد الانتهاء من أشغال بنائها، بالإضافة إلى أنها تقوم بإعداد تقارير حول وضعية الوحدات الدراسية وتقديمها إلى المسؤول الأول على التعليم الأولي بالإقليم.
وفي هذا الإطار، تقول زهرة الفارس إن مهمتها هي متابعة حالة الوحدات التعليمية والمصاحبة التربوية لفائدة الأطر من المؤطرين والمؤطرات، مشيرة إلى أن التعليم الأولي على مستوى الإقليم حقق نتائج جد مهمة وساهم في تطوير الأطفال ما قبل سن التمدرس.
وأوضحت المسؤولة ذاتها، في تصريح لهسبريس، أن التتبع والمصاحبة التربوية التي توفرها المؤسسة المكلفة بالتعليم الأولي تمكن هؤلاء الأطفال من الاندماج الدراسي وحتى المهني في ما بعد، مؤكدة أن هذا النمط التعليمي سيساهم بشكل كبير في تحسين منظومة التعليم بالمغرب، وتحقيق نتائج جد مهمة في المستقبل حتى لدى هذه الفئة المستفيدة من برنامج التعليم الأولي.
وأكدت المكلفة بالتتبع والمصاحبة التربوية بفرع المؤسسة المغربية للنهوض بالعليم الأولي على مستوى إقليم تنغير أن التعليم الأولي أصبح إلزاميا خاصة مع توفر مجموعة من الشروط التي تساهم في تعميم هذا النمط من التعليم، مشيرة إلى أنه على الجميع إرسال أطفال ما قبل سن التمدرس إلى وحدات التعليم الأولي لتشجيعهم على التمدرس بعد بلوغهم السن القانوني.
تعليم جيد وإكراهات المؤطرات
حسن بنزروال، فاعل جمعوي بإقليم تنغير، قال “إن السنوات الأولى من حياة الطفل تعتبر من أهم مراحل الحياة وأكثرها تأثيرا في مستقبل الإنسان؛ فهي مرحلة تكوينية يوضع فيما الأساس لشخصيته ويكتسب فيها عاداته وأنماط سلوكه. كما أن كل ما يعيشه ويمر به من خبرات وعلاقات وتفاعلات يكون لها أثرها على اتجاهاته المستقبلية”، مضيفا: “مرحلة التعليم الأولي هي المرحلة التي تتحدد فيما المعالم الرئيسية لشخصية الإنسان في أبعادها المختلفة”.
وتمكن فريق من الأطر التربوية بالتعليم الأولي من تكوين أطفال صغار ما بين الرابعة والخامسة من العمر، يكشف المتحدث ذاته، الذي أشار إلى أن الأطفال الذين استفادوا من التعليم الأولي خلال السنوات الماضية قادرون على نيل نقط جد مشرفة في مسارهم الدراسي.
وأوضح الجمعوي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن الأساتذة في المستوى الابتدائي بدورهم نوهوا بمجهودات الأطر التربوية في التعليم الأولي، مؤكدين أن المستفيدين من التعليم الأولي هم من يحصلون على أعلى معدلات، مقارنة مع الذين لم يسبق لهم ولوج التعليم ما قبل السن القانوني للتمدرس، وفق تعبيره.
في المقابل، أكد عدد من المؤطرين والمؤطرات بالتعليم الأولي أنهم يواجهون بعض الإكراهات والمشاكل في تأدية مهامهم التربوية، موضحين أن مشكل التنقل من مساكنهم إلى مقرات عملهم من بين الإكراهات التي تواجههم، ملتمسين من الجهات المسؤولة التفكير مستقبلا في بناء مسكن المؤطرين بالقرب من وحدات التعليم الأولي.
نعيمة، واحدة من المؤطرات بالتعليم الأولي على مستوى إقليم تنغير، أوضحت أن مطالب المؤطرين والمؤطرات ليست بالكثيرة ويمكن اختصارها في مشاكل التنقل من وإلى مقرات العمل، مضيفة أن جميع الحقوق الأخرى متوفرة من ضمان اجتماعي وهاتف وغيرهما من الحقوق.