إمارة المؤمنين وآية الله .. القدس محور منافسة الحسن الثاني والخميني
صورة: أرشيف

هسبريس من الرباطالإثنين 10 ماي 2021 – 21:00

ما قصة العلاقات المغربية ــ الإيرانية؟ لماذا اتخذ الملك الراحل الحسن الثاني مواقف مناوئة للثورة الإيرانية منذ اللحظة الأولى لقيامها؟ ولماذا غير موقفه بعد ذلك؟ كيف تدخلت الجزائر على الخط في اللحظات الأولى وأرادت إفساد العلاقات المغربية ــ الإيرانية؟ كيف استقبلت النخبة المغربية الثورة الإيرانية بعد قيامها؟ وكيف كان أداء المغرب خلال الحرب العراقية ــ الإيرانية؟

هذه الأسئلة وغيرها نتابع الإجابة عليها خلال شهر رمضان مع كتاب الباحث الدكتور إدريس الكنبوري “أمير المؤمنين وآية الله.. قصة المواجهة بين الحسن الثاني والخميني”، الذي خص به جريدة هسبريس.

الحلقة السادسة والعشرون

شكلت القضية الفلسطينية منذ خمسينيات القرن الماضي عنصر انقسام إيديولوجي وعامل تصفية حسابات بين الأنظمة العربية، وعلى أساس تلك القضية انتشرت ثنائيات عدة خلال الستينيات والسبعينيات، صارت عنوانا للصراع العربي، مثل ثنائية الأنظمة الرجعية والأنظمة التقدمية، وثنائية جبهة الصمود والتصدي وجبهة التطبيع، وثنائية الملكية والجمهورية، وثنائية الثورية والمحافظة، وهي ثنائيات سادت طويلا في الخطاب السياسي العربي، قبل أن ينفض السامر ويظهر أن تلك الثنائيات لم تكن سوى أوراق التوت التي كانت تخفي عيوب الأنظمة.

غير أن تصفية الحسابات السياسية من خلال استعمال ورقة القضية الفلسطينية بقيت تجري داخل “البيت السني”، إن صح التعبير، بين الأنظمة العربية السنية، مع العلم أن الطابع الديني لتصفية الحسابات تلك لم يكن ظاهرا، بل ربما لم يكن حاضرا أصلا لدى الكثير من الأنظمة العربية خلال فترة الستينيات والسبعينيات.

بيد أنه بداية من الثورة الإيرانية ستصبح القضية الفلسطينية، وقضية القدس الشريف تحديدا، محورا للنزاع بين السنة والشيعة، وسوف يبرز الطابع الديني للقضية الفلسطينية بشكل أوضح، خلافا للحقب السابقة، حيث كان الطابع القومي هو المهمين. كما أنه بداية من الثورة الإيرانية سيتحول الصراع مع إسرائيل من صراع عربي ـ إسرائيلي إلى صراع إسلامي ـ صهيوني، وستصبح القضية الفلسطينية قضية إسلامية أكثر منها قضية عربية، لأن إيران ذات القومية الفارسية فرضت نقل الخطاب حول القضية الفلسطينية من الخطاب القومي العربي إلى الخطاب الإسلامي.

هذا ما فهمه روح الله الخميني، الذي ما إن نفذ ثورته ونجحت حتى أعلن في شهر غشت من عام 1979 عن اليوم العالمي للقدس الشريف، الذي صار منذ ذلك التاريخ يقام له احتفال خاص في إيران وخارجها. وقال الخميني: “إنني أدعو المسلمين في جميع أنحاء العالم إلى تكريس يوم الجمعة الأخيرة من هذا الشهر الفضيل، من شهر رمضان المبارك، ليكون يوم القدس، وإعلان التضامن الدولي من المسلمين في دعم الحقوق المشروعة للشعب المسلم في فلسطين. لسنوات عديدة، قمت بتحذير المسلمين من الخطر الذي تشكله إسرائيل الغاصبة، التي تكثف هجماتها الوحشية اليوم ضد الإخوة والأخوات الفلسطينيين، والتي هي، في جنوب لبنان على وجه الخصوص، مستمرة في قصف منازل الفلسطينيين على أمل سحق النضال الفلسطيني. وأطلب من جميع المسلمين في العالم والحكومات الإسلامية العمل معا لقطع يد هذه الغاصبة ومؤيديها. وإنني أدعو جميع المسلمين في العالم إلى تحديد واختيار يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة في شهر رمضان الكريم- الذي هو في حد ذاته فترة محددة يمكن أيضا أن يكون العامل المحدد لمصير الشعب الفلسطيني- وخلال حفل يدل على تضامن المسلمين في جميع أنحاء العالم، تعلن تأييدها للحقوق المشروعة للشعب المسلم”.

في تلك المرحلة عقدت منظمة المؤتمر الإسلامي بمدينة فاس مؤتمرها بين 8 و12 ماي 1979، بمناسبة الذكرى العاشرة لاجتماع مؤتمر القمة الإسلامي بالرباط عام 1969، وتقرر إحداث لجنة القدس وتكليف الملك الحسن الثاني برئاستها. كان ذلك الاختيار من البلدان الإسلامية، العربية تحديدا، بمثابة رفع التحدي في وجه إيران، لكي لا تظل وحيدة في الملعب وتقدم نفسها المدافع الأول عن القدس، وكان اختيار الملك الحسن الثاني منسجما مع مواقفه الصلبة تجاه الثورة الإيرانية منذ البداية، على اعتبار أنه الزعيم العربي الوحيد الذي يستطيع أن يقوم بالمهمة.

ويوم قال الحسن الثاني، في القمة العربية المنعقدة بالجزائر عام 1973: “سنصلي في القدس، والله إننا سنصلي في القدس”، رد الخميني بعد نجاح ثورته بنفس الكلام، حيث قال في إحدى المناسبات المرتبطة بيوم القدس العالمي: “نسأل الله أن يوفقنا إن شاء الله للذهاب يوما للقدس والصلاة فيها، وآمل أن يهتم المسلمون بيوم القدس، وأن تخرج التظاهرات في جميع البلدان الإسلامية في يوم القدس في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك”.

الثورة الإيرانية القدس الملك الحسن الثاني روح الله الخميني

hespress.com