إمارة المؤمنين وآية الله .. علماء المغرب يُطالبون الخميني بالتوبة من الكفر
صورة: مواقع التواصل الاجتماعي

هسبريس من الرباطالثلاثاء 11 ماي 2021 – 21:00

ما قصة العلاقات المغربية ــ الإيرانية؟ لماذا اتخذ الملك الراحل الحسن الثاني مواقف مناوئة للثورة الإيرانية منذ اللحظة الأولى لقيامها؟ ولماذا غير موقفه بعد ذلك؟ كيف تدخلت الجزائر على الخط في اللحظات الأولى وأرادت إفساد العلاقات المغربية ــ الإيرانية؟ كيف استقبلت النخبة المغربية الثورة الإيرانية بعد قيامها؟ وكيف كان أداء المغرب خلال الحرب العراقية ــ الإيرانية؟

هذه الأسئلة وغيرها نتابع الإجابة عليها خلال شهر رمضان مع كتاب الباحث الدكتور إدريس الكنبوري “أمير المؤمنين وآية الله.. قصة المواجهة بين الحسن الثاني والخميني”، الذي خص به جريدة هسبريس.

الحلقة السابعة والعشرون

على الرغم من التعاطف الذي حصل مع الثورة الإيرانية في المغرب فإن ذلك التعاطف ظل في حدود الجانب السياسي؛ بل نعتقد بأن التهليل للثورة لم يكن تهليلا لها في ذاتها بقدر ما كان تهليلا لسقوط نظام صار رمزا للاستبداد السياسي على الصعيد الداخلي. لذلك، فإن الترحيب بالثورة لم يكن ترحيبا بـ”قيام” نظام بقدر ما كان ترحيبا بـ”سقوط” نظام.

لم يكن روح الله الخميني على وئام مع منهج أهل السنة؛ فهو كعالم وزعيم شيعي له اختياراته المذهبية والعقدية التي تخالف في جوانب كثيرة منها ما عليه أهل السنة. وقد سهل هذا مهمة الضرب في الثورة الإيرانية من طرف الأنظمة العربية التي لم تكن تنظر بعين الرضا إليها؛ فإذا كانت الثورة قد أطاحت فعلا بنظام ديكتاتوري قهري، فإنها جاءت بنظام قائم على “الانحراف” الديني ومخالفة أهل السنة والجماعة.

وخلال السنوات الأولى للثورة صدرت مؤلفات عديدة تطعن في عقيدة الخميني ومذهبه، وتتهمه بالغلو والتطرف في مواقفه من القرآن والسنة والصحابة والتاريخ الإسلامي، وتنعته وأتباعه بالرافضة. وكان من تلك الكتب كتاب بعنوان “وجاء دور المجوس” لمحمد سرور بن نايف زين العابدين، الإسلامي السوري زعيم التيار السروري، وكتاب “الخمينية.. شذوذ في العقائد وشذوذ في المواقف” لزعيم الإخوان المسلمين السوريين سعيد حوى. وبعد أن نام التشيع في بطون الكتب قرونا ولم يعد سوى مادة “مدرسية”، راح يستيقظ تدريجيا ويعود إلى واجهة الاهتمام كقوة سياسية وعقيدة دينية خرجت من بطون الكتب لتعيش في الجوار.

أثارت مواقف الخميني، التي بثها بوجه خاص في كتاب “الحكومة الإسلامية”، حفيظة العلماء المغاربة الذين قاموا بوضع فتوى بتكفيره وتحكم عليه بالانحراف. وقد وجه هؤلاء العلماء ــ رؤساء وأعضاء المجالس العلمية التي تم إنشاؤها حديثا (وفيهم بعض علماء رابطة علماء المغرب الذين هم أعضاء في تلك المجالس) ــ نص الفتوى مع رسالة إلى الملك الحسن الثاني، سلمها الدكتور أحمد رمزي، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية وقتها، جاء فيها: “مولاي: إن علماء مملكتكم الشريفة أصبحوا في المدة الأخيرة لا يرتاح لهم ضمير، فالمخاوف على الدين تساورهم من كل جهة، والخواطر القائمة تقض مضاجعهم في كل حين، وذلك من جراء الهجمات المتوالية التي أصبحت العقيدة الإسلامية تتعرض لها في عدة بلدان من طرف شخصيات مسؤولة تنتمي إلى الإسلام وتعتبره في بلادها أعلى سلطة”، مضيفين في الرسالة: “ولا سيما تصريحات وأقوال إمام الشيعة الخميني التي بلغت الغاية في التحدي والافتراء، وذلك تحذيرا للمسلمين من اعتقاد ما هو مجرد ضلال، وتحصيان لهم من كل بلبلة وخبال”.

أما نص الفتوى فقد ارتكز على ثلاث فقرات مأخوذة من كتاب الخميني “الحكومة الإسلامية”، جاء في واحدة منها: “إن الأنبياء جميعا جاؤوا من أجل إرسال قواعد العدالة في العالم؛ لكنهم لم ينجحوا، وحتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء الذي جاء لإصلاح البشرية وتنفيذ العدالة لم ينجح في ذلك، وإن الشخص الذي سينجح في ذلك ويرسي قواعد العدالة في جميع أنحاء العالم ويقوم الانحرافات هو الإمام المهدي المنتظر”. وفي الفقرة الثانية يقول الخميني إن الله أبقى الإمام المهدي “ذخرا من أجل البشرية، وسيعمل على نشر العدالة في جميع أنحاء العالم، وسينجح فيما فشل في تحقيقه الأنبياء والأولياء”.

وقد اعتبر علماء المغرب أن في ذلك الكلام تنقيصا من مقام الأنبياء عليهم السلام، ومن مقام النبي محمد صلى الله عليه وسلم على وجه التحديد، وقالوا إن الخميني “تجاوز بهذه الادعاءات الفاسدة كل ما كان معروفا عن الشيعة، وتطاول حتى على مقام الملائكة والأنبياء والمرسلين، حين جعل مكانة المهدي المنتظر في نظره فوق مكانة الجميع، وزعم أن لا ملاك مقربا ولا نبي مرسلا أفضل منه”. وأضافت الفتوى، تعليقا على كلام الخميني: “وهذا كلام مناقض لعقيدة التوحيد يستنكره كل مسلم، ولا يقبله أي مذهب من المذاهب الإسلامية، ولا يبرئ من الشرك والكفر إلا التوبة والرجوع عنه صراحة، والتبرؤ منه، وصدور بيان بذلك، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيي عن بينة”.

ودعا العلماء، في الأخير، جميع علماء العالم الإسلامي إلى اتخاذ الموقف نفسه و”أن يقفوا وقفة رجل واحد ضد هذا التيار الهدام، ويذودوا كل شبهة عن عقيدة الإسلام”.

الثورة الإيرانية الخميني المغرب علماء المغرب

hespress.com