على بعد أقل من شهر على احتفالات رأس السنة الأمازيغية (إيض إيناير)، تأتي ذكرى الأرض في سياقات مختلفة هذه المرة، خصوصا بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، واستئناف العلاقات مع إسرائيل، وما لذلك من انعكاسات على المنطقة.

وبعيدا عن الأشكال الفولكلورية، التي دائما ما تصاحب خرجات بعض تنظيمات الحركة الأمازيغية، خلال “إيض إيناير”، تحاول أخرى تحويل المناسبة لطرح أفكار وقناعات تاريخية، تتناول الموضوع بجدية أكبر، خصوصا على المستوى النظري.

وأمام المستجدات الأخيرة، ستكون فعاليات عديدة أمام رهان التحرك أكاديميا من أجل بسط حقائق تاريخية عديدة، منها ما هو مرتبط بالصحراء، وعلاقتها المتجذرة بالهوية الأمازيغية على امتداد قرون طويلة من الزمن، في حين تتنكر أطراف عديدة لهذا المعطى.

ومن المنتظر أن تخوض حساسيات الحركة الأمازيغية معركة متواصلة لإقرار الاعتراف الرسمي بـ”إيض إيناير”، خصوصا بعد الترافع البرلماني حول هذه القضية في السنة الماضية، بالإضافة إلى القوة الاحتجاجية التي أبدتها في الفترة الماضية.

عبد الله بوشطارت، الباحث في تاريخ الصحراء، أوضح أن “إيض إيناير” هو طقس تميز به شمال إفريقيا والصحراء الكبرى، مشيرا إلى أنه مترسخ جدا في المناطق الصحراوية وتخومها، من صحراء المغرب إلى ضفاف نهر النيجر بمالي، ومن النيجر إلى واحات غدامس بليبيا.

وأضاف بوشطارت، في تصريح لجريدة هسبريس، أنه قد تختلف تسميات هذا الطقس الاحتفالي وأشكاله، إلا أنه يشترك في قضية مركزية لدى كل شعوب بلدان شمال إفريقيا، هي علاقة الأمازيغ بالأرض، وتشبثهم بها إلى حد القداسة.

وخلال كل سنة يجدد الأمازيغ العهد بأرضهم، ويحتفلون بتناول أطعمة يستخرجونها من الأرض، باعتبارهم شعوبا زراعية، ويشكل المغرب أكثر البلدان التي تشهد فيها احتفالات رأس السنة الأمازيغية انتشارا كبيرا وواسعا في جميع المناطق، من الريف إلى الصحراء، وفق المتحدث ذاته.

وتتخذ هذه الاحتفالات أشكالا ومظاهر متعددة في الصحراء والواحات، ولا تزال بعض الأكلات الشعبية، التي يتم الاحتفال بها، متداولة حتى في اللهجة الحسانية، منها “توميت” و”بلغمان” و”تاگلا”، ولا تزال تستعمل في المناطق الجنوبية، وهي أطباق أمازيغية، يقول الباحث في تاريخ الصحراء.

وأشار بوشطارت إلى أن رأس السنة الأمازيغية الجديدة 2971 تصادف هذه السنة مستجدات تمس قضية الصحراء، مما يعني ترسيخ تشبث المغاربة بأرضهم، ويسائل أيضا الدولة المغربية حول ضرورة ترسيم رأس السنة الأمازيغية كعيد وطني ويوم عطلة في جميع مناطق المغرب.

وأضاف المتخصص في الدراسات الصحراوية أن جعل رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا سيقوي الشعور بالوحدة الثقافية والترابية بالمغرب كبلد يجسد روح الوحدة في التنوع، وسيكون أول بلد في شمال إفريقيا يتصالح مع تاريخه وينفرد بذلك.

hespress.com