اجتمعت اللجنة المديرية للوقاية ومكافحة الحرائق الغابوية يوم الثلاثاء 09 ماي 2023 بمقر المركز الوطني لتدبير المخاطر المناخية والبيئية، تحت رئاسة المدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات السيد عبد الرحيم هومي وبحضور كافة الشركاء المعنيين.
وقد شكل هذا الاجتماع المهم فرصة لتقييم و عرض النتائج والدروس المستقاة من حرائق الغابات لموسم 2022، فضلا عن استعراض الوسائل والتدابير التي ستتم تعبئتها للموسم الجديد 2023 .
وتفعيلا للاستراتيجية الوطنية لغابات المغرب، تم خلال هذا اللقاء عرض المخطط المديري الجديد للتدبير المندمج لحرائق الغابات للفترة 2023-2033.
للتذكير، يعتبر المجال الغابوي بالمغرب فضاءا طبيعيا مفتوحا، و يتعرض لعدة ضغوطات تأثر سلبا على أدواره الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. حيث ينتج عن هذا الضغط زيادة خطر اندلاع الحرائق، خاصة وأن الغابات المغربية، مثل نظيراتها في البحر الأبيض المتوسط، تتميز بقابلية اشتعال مرتفعة خلال فصل الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض رطوبة الهواء وشدة الرياح الجافة والساخنة من نوع “شرقي”.
وفيما يخص حصيلة حرائق الغابات للموسم الفارط 2022 بالمملكة المغربية، فقد تم تسجيل ما يقرب 500 حريق أتى على 22762 هكتار من المساحة الغابوية، 37 بالمائة من هذه المساحات المحروقة عبارة عن اعشاب ثانوية ونباتات موسمية.
وبالاعتماد على التوزيع الجغرافي للمساحات المتضررة من الحريق، في الموسم الفارط تأتي جهة طنجة تطوان- الحسيمة في مقدمة المناطق المتضررة من الحريق ب188حريقا، أتت على18704 هكتار، تليها جهة فاس –مكناس ب99 حريقا اجتاحت 1775 هكتار من المساحة الغابوية. ويفسر هذا التوزيع بالكثافة العالية للغطاء الغابوي بهذه المناطق، والظروف المناخية الجافة خلال موسم الصيف، وكذلك ارتفاع الضغط البشري على الموارد الغابوية.
وقد تميزت الظروف المناخية لسنة 2022 على الصعيد العالمي، بجفاف وسلسلة موجات حر استثنائية. ففي المغرب، على غرار باقي بلدان العالم، شهدت عدة مناطق موجات حرارية شديدة خاصة في شهر يوليوز، حيث تم تسجيل أرقام يمكن وصفها ب “القياسية “.
وعلى صعيد بلدان البحر الابيض المتوسط، ساهمت هذه الظروف المناخية و الجوية الاستثنائية في نشوب و انتشار حرائق مهولة. فحسب ما ورد بالنظام المعلوماتي الاوروبي لحرائق الغاباتEFFIS ، فقد قدرت المساحات المتضررة بكل من إسبانيا ب288086 هكتار، والبرتغال ب90158 هكتار وفرنسا ب62154 ،وإيطاليا ب47228 هكتار، وأخيرا الجزائر بمساحة تقدر ب47170.
بالنسبة للمغرب، وعلى الرغم من النتائج الاستثنائية المسجلة خلال موسم 2022 بالمقارنة بالسنوات السابقة، فإن سياسة الوقاية من الحرائق ومكافحتها، المعتمدة من طرف جميع الشركاء المعنيين، وخاصة وزارة الداخلية والوكالة الوطنية للمياه والغابات والسلطات المحلية والوقاية المدنية والدرك الملكي والقوات الملكية الجوية والقوات المسلحة الملكية والقوات المساعدة، ساهمت بشكل كبير في التقليل والحد من الأضرار والخسائر الاجتماعية والبيئية المحتملة.
خلال الفترة الحالية، ونظرا للجفاف وموجات الحرارة الطويلة المسجلة، ينتظر ان يتزايد خطر نشوب حرائق الغابات هذا الموسم-2023-. لذلك فقد تم اتخاد جميع التدابير الاستباقية من طرف الشركاء المعنيين لمواصلة الجهود الرامية إلى تثمين سياسات الوقاية ومكافحة حرائق الغابات.
ولهذا الغرض، خصصت الوكالة الوطنية للمياه والغابات للوقاية من الحرائق غلافا ماليا يقدر ب 200 مليون درهم سيوظف لتوفير التجهيزات والوسائل الكفيلة للحد من اندلاع الحرائق وذلك من خلال تعزيز دوريات المراقبة للرصد والإنذار المبكر، وفتح وصيانة المسالك الغابوية ومصدات النار بالغابات، وتهيئة نقط الماء مع صيانة وإنشاء أبراج جديدة للمراقبة، وتوسيع الحراجة الغابوية بالإضافة إلى إعادة تأهيل المسالك، وكذلك شراء سيارات جديدة للتدخل الاولي.
وفي هذا السياق، وضعت الوكالة الوطنية للمياه والغابات (ANEF) وبتعاون مع جميع الشركاء المعنيين خطة رئيسية جديدة للتدبير المتكامل لحرائق الغابات للفترة 2023-2033،وتحدد الخطة، التي تستند إلى 6 محاور ذات أولوية، الإجراءات التي يتعين تنفيذها خلال العشرية المقبلة للوقاية من حرائق الغابات ومكافحتها مع مراعاة الآثار المتوقعة والناجمة عن تغير المناخ.
وبالإضافة إلى ذلك ، وقصد تحسين جودة الوقاية من حرائق الغابات ، عززت الوكالة الوطنية للمياه والغابات استخدام التقنيات الجديدة من خلال تطوير نظام معلوماتي جديد يعتمد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة لإنجاز خريطة لمخاطر حرائق الغابات وإطلاق تنبيهات التدخلات المناسبة وفقا لذلك. ويوفر هذا النظام، الذي يعد الأول من نوعه في حوض البحر الأبيض المتوسط، منصة يومية للتنبؤ بحرائق الغابات لمنطقة طنجة تطوان الحسيمة كمنطقة استطلاعية وريادية.
ويقدم هذا النظام خريطة يومية لدرجات مخاطر نشوب الحرائق و انتشارها بدقة متناهية جدا، مصحوبة بإمكانية تفسير المخاطر، لتوفير معلومات قيمة لفرق المكافحة الموجودة مسبقا في الميدان، مع مراعاة عوامل مثل التغيرات المناخية، والصور الملتقطة عبر الأقمار الصناعية، والمعلومات الاجتماعية والاقتصادية، وطبيعة الغطاء الغابوي وحالته.
وبهذه المناسبة، تجدر الإشارة إلى ان هذه الحسابات الاستباقية والمكثفة المعتمدة في النظام كانت ممكنة بفضل دعم مايطلق عليه بالحوسبة عالية الأداء (HPC) التابعة لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية في بنكرير وكذلك البيانات ذات الصلة من المديرية العامة للأرصاد الجوية الوطنية.
وفي الأخير، وجب التذكير هنا بأن جل حرائق الغابات يكون سببها الانسان والأنشطة التي يقوم بها. وفي هذا السياق، تناشد الوكالة الوطنية للمياه والغابات جميع مستخدمي ومرتادي الغابات مثل المخيمين ومربي النحل والرعاة وغيرهم، توخي اليقظة والحد من استخدام النار قدر الإمكان خلال فترة الصيف. والهدف من ذلك هو تجنب أي عمل غير مقصود يمكن أن يسبب الحرائق، وإبلاغ السلطات المختصة على الفور بأي بداية حريق أو سلوك مشبوه لمحاولة الحفاظ على إرثنا الغابوي لما له من أدوار سوسيو اقتصادية وبيئية مهمة.