يتواصل الجدل بشأن طلبية اللقاح المضاد للفيروس التاجي التي ينتظرها المغرب منذ أسابيع، حيث لم يتوصل بعد بكامل الشحنات المحددة من طرف وزارة الصحة، فيما شرعت بلدان الجوار في تطعيم مواطنيها بعدما تمكنت من الظفر بجرعات اللقاح.
وحددت الرباط طلبيتها في 65 مليون جرعة من اللقاحين المضادين لفيروس “كورونا” المستجد “سينوفارم” وأسترازينيكا”، في إطار حملة التلقيح الوطنية التي تستهدف 25 مليون مغربي، حيث أنهت وزارة الصحة كافة الاستعدادات والإجراءات التنظيمية الخاصة بالعملية التي أطلقها العاهل المغربي.
ولم تصل شحنات لقاح “سينوفارم” الصيني إلى المملكة، وفق تأكيدات وزارة الصحة، الأمر الذي يرجع النقاش الوطني بخصوص الاستقلالية العلمية إلى الواجهة، في ظل التبعية المطلقة للأقطاب الكبرى المصنعة للقاح، نتيجة ضعف بنيات البحث العلمي في مجال الفيروسات بالمغرب.
وستواجه الرباط مشاكل كثيرة في تأمين حاجياتها من اللقاح، نظرا إلى فشل باريس في إنتاج لقاح خاص بها على شاكلة بكين وواشنطن وموسكو ولندن، خاصة أن العاصمتين تجمعها علاقات دبلوماسية وثيقة في مجالات كثيرة.
تبعا لذلك، توجه المغرب إلى الصين لنيل حصّته من اللقاح، بفعل الاتصالات السياسية بين قائدي البلدين، غير أن بكين تعتمد على المصالح التجارية في رسم ملامح سياستها الخارجية، ما دفع المملكة إلى استحضار الخلفية السياسية في إحقاق التفاهمات الطبية مع جمهورية الصين الشعبية.
ويعرف البحث العلمي “تعثرات” كثيرة داخل البنى الجامعية بالمغرب، اعتبارا للميزانية الضعيفة التي تخصصها الحكومة لهذا الميدان طيلة عقود مضت، خاصة في المجال الطبي، الأمر الذي جعل الجائحة تكبل البلاد، ما دفع التنظيمات الموازية إلى المطالبة بتخصيص ميزانية كبيرة للبحث العلمي.
ومن وجهة نظر إحسان المسكيني، باحث في الكيمياء الإحيائية، فإن “المغرب يتوفر على نخب علمية تشتغل في مجالات دقيقة، لكن الدولة لا تستثمر في مؤهلاتها، حيث يتم توظيفها في مهام لا تتناسب مع تخصصاتها البحثية، أو تستنزف مؤهلاتها العلمية مع مرور الوقت”.
وأوضح المسكيني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “النخبة العلمية بالمغرب بإمكانها مواجهة التحديات الفيروسية المطروحة على الصعيد الدولي، لا سيما أن كورونا ليس سوى بداية منطلق أوبئة أخرى سوف تبرز خلال مرحلة زمنية معينة”.
وأوضح الباحث في مجال الفيروسات أن “الدولة صارت مطالبة بإعطاء فرص الاشتغال لأطرها البحثية، مع توفير شروط العمل، قصد مواكبة التطورات العلمية على الصعيد العالمي”، داعيا إلى “الشروع في بناء مختبرات علمية خاصة من شأنها إنتاج الأدوية وتطوير اللقاحات، حتى لا نكون رهينة للشركات الكبرى التي تحتكر هذه المنجزات في زمن الأزمة”.