تواصل العديد من البلدان انتقادها لاستئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية، من خلال أجهزتها الدبلوماسية تارة، وعبر حملات إعلامية تارة أخرى، لكن الفرق الجاري ضمن تدبير التوازنات مع إسرائيل لا يخرج عن السرية والعلنية، ويلتقي كله في استمرار الاتصال.

وتشن الدبلوماسية الجزائرية حملة هجوم قوية على خيارات المغرب، رغم كون المبادلات التجارية بين البلدين تبين بالملموس وجود علاقات قائمة منذ زمن. فيما اختارت عدد من البلدان التي لها علاقة علنية مع إسرائيل (تركيا مثلا)، اعتماد قصاصات تقيس بها نبض مواقع التواصل الاجتماعي.

حملة منظمة

كريم عايش، الأستاذ الباحث في العلوم السياسية بجامعة الرباط، أوضح أن المغرب في الآونة الأخيرة كان مع موعد متجدد مع الأخبار والتصريحات والتحركات، التي تتعمد اتهامه وأحيانا الافتراء عليه وفق سياسة إعلامية ممنهجة وطويلة الأمد.

وأشار عايش إلى مهاجمة المغرب واتهامه بشتى النعوت من قبل دول معينة، معتبرة دبلوماسيته تنبني على أساس المقايضة والتبعية، مقابل دول بشمال إفريقيا والشرق الأوسط اختارت الصمت كأساس في معاملاتها مع إسرائيل في مختلف المجالات.

وأضاف أن بروز تصريحات تتطلع إلى تعاون أكبر، ولكن ليس اقتصاديا أو سياحيا، وإنما استخباراتيا وعسكريا، أصاب العديد من الألسنة بالخرس، وأعاد إلى الأذهان جدلية مستقبل الشرق الأوسط بين السلام ومخطط الشرق الأوسط الكبير، الذي طرح منذ مدة ضمن أجندة الرئيس بوش الابن.

علاقات قوية

من جهته، قال هشام معتضد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيربروك بكندا، إن الدول التي تُزايد على المغرب بخصوص استئنافه علاقته مع إسرائيل ينبني موقفها على حسابات سياسية وإيديولوجية أو فكر تقليدي متحجر يعتمد على خطاب شعبوي من أجل استهلاكه داخليا.

وأضاف أن جل الدول في العالم العربي والإسلامي، بدون استثناء، لها علاقات علنية أو سرية مع إسرائيل، سواء في الميدان التجاري أو الأمني أو السياسي، مشيرا إلى أن هذه العلاقات مع إسرائيل لم تنقطع منذ نشأتها ككيان.

وأوضح المتحدث ذاته أن ما يميز المغرب عن جل شعوب منطقة العالم العربي والإسلامي هو أن التراث اليهودي جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية المغربية، وهو ما يفسر العلاقة الخاصة والمتميزة التي أطرت المعاملات الثنائية بين المغرب والطائفة اليهودية المقيمة بإسرائيل.

وبالإضافة إلى كونهم مغاربة الأصل والانتماء، فاليهود المغاربة المقيمون بجل بقاع العالم يحرصون على الحفاظ وتقوية الرابط المؤسساتي مع إمارة المؤمنين، وكل ما يفرضه ذلك من واجب الاحترام والولاء، يقول معتضد. قبل أن يضيف أن الروابط الوطنية والإنسانية، التي كانت دائما تجمع اليهود المغاربة المقيمين بإسرائيل بوطنهم الأم المغرب، تتجاوز التفسير الإيديولوجي الضيق لبعض الدول العربية والإسلامية، التي تتبناه كأرضية سياسية في بناء علاقاتها العلنية مع إسرائيل، رغم استمرارها في تدبير علاقات سرية معها.

hespress.com