عمّق “انسحاب” عمر بلافريج، النائب البرلماني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، من العمل السياسي حدة الخلافات داخل التنظيم اليساري، الذي تقوده نبيلة منيب؛ فبدلا من أن تتدخل القيادات لرأب الصدع، فضّلت التكتم على الأسباب الحقيقية وراء “اعتزال” بلافريج السياسة واللعب على عامل الوقت لتجاوز “ارتدادات” الاستقالة.

وقرر بلافريج الاستقالة من العمل السياسي في المغرب بسبب ما اعتبره “موت مشروع فيدرالية اليسار الديمقراطي، وليس بسبب الخلافات التي تصاعدت في الآونة الأخيرة داخل أروقة فيدرالية اليسار، خصوصا مع الأمينة العامة لحزب الاتحاد الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب”.

ويعيش الحزب الاشتراكي الموحد، الذي يعد أحد الأحزاب اليسارية المكونة للفيدرالية سالفة الذكر إلى جانب كل من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، منذ مدة، على وقع انقسام في وجهات النظر، خصوصا فيما يتعلق بالخرجات الإعلامية، التي صاحبت فترة تفشي فيروس “كورونا” بالمغرب؛ ففي الوقت الذي تنتصر فيه منيب لعلاقة الفيروس بأجندات مشبوهة، يرفض آخرون هذا الطرح.

وخرج بلافريج لتبرير موقفه الذي فاجأ أعضاء حزب “الشمعة” والمتعاطفين مع اليسار، حيث وجّه رسالة شكر إلى قيادات فيدرالية اليسار، موردا أن “قرار عدم الترشح في الانتخابات المقبلة اتخذه منذ أكتوبر الماضي، وقد اتخذتُ هذا القرار بكل صراحة وشفافية، ولن أتراجع عن موقفي”.

وأوضح النائب البرلماني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، في شريط فيديو نشره على صفحته الرسمية، أن “المهمة البرلمانية ليس حرفة؛ وإنما مهمة قدمها لي الناخبين، وهي تجربة رائعة حاولت فيها أن أكون مفيدا لبلدي، وليس المعارضة من أجل المعارضة أنا إصلاحي وليس معارض”.

وعبّر بلافريج عن تشبثه بقرار الانسحاب من العمل السياسي، وأضاف “لن أتراجع عن موقفي”، داعيا إلى “احترام هذا الموقف وعدم التسرع في الأحكام، بحيث هناك من اعتبر الموضوع خيانة. هذا التزام مع المواطنين لأنوب عنهم خلال الولاية البرلمانية، وليس من أخلاقي الاستمرار في البرلمان؛ لأن هناك طاقات وكفاءات قادرة على التغيير”.

من جانبه، راسل القيادي اليساري محمد حفيظ زميله المستقيل قائلا: “قد يكون الانسحاب موقفا قويا، بليغا ومبلغا، دالا ومعبرا. وقد يكون لاعتزال السياسة، في السياق الذي تُمارَس فيه ببلادنا، كل المبررات الواقعية والمُقْنعة. وبالتالي، فهو حينما يُتخَذ يكون موقفا جديرا بالاحترام والتقدير”.

وأضاف حفيظ: “عادة، يكون السقوط أو الفشل داعيا إلى الاستقالة من المسؤولية السياسية، وحتى الانسحاب من الحياة السياسية؛ ولكنك كنت ناجحا. ولا أقصد هنا فقط نجاحك في الانتخابات الجماعية والبرلمانية، بل أقصد وبالأساس نجاحك في أداء مهمتك بالجماعة والبرلمان”.

واستطرد قائلا: “لا يمكن أن تغادر الحياة السياسية بهذه السرعة، وأنت في أوج عطائك، وقد قدمت الدليل العملي على ذلك، وكنت وفيا لشعار “معنا، مغرب آخر ممكن””.

hespress.com