استدعى المغرب السفير الإسباني، الأحد، عقب استقبال بلاده زعيم البوليساريو، وهو الموقف الذي اعتبرته الرباط “يتنافى مع روح الشراكة وحسن الجوار”.

وحسب حسن بلوان، خبير في العلاقات الدولية، فقد جاء بيان وزارة الخارجية المغربية واستدعاء السفير الإسباني نتيجة مجموعة من التراكمات التي تمس بمصالح المغرب وسيادته الوطنية.

وقال بلوان، ضمن تصريح لهسبريس، إن “العلاقات المغربية الإسبانية تعيش أدنى مستوياتها منذ سنوات، بحكم حجم القضايا الخلافية وتباين وجهات النظر في مجموعة من القضايا، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية”.

وأردف أن هذه العلاقات زادت تعقيدا منذ معارضة إسبانيا للاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه، مما أثار حفيظة المغرب إلى حد تأجيل اللجنة العليا المشتركة لمرات عديدة.

وبحسب المتحدث، “فأن تستقبل إسبانيا المدعو ابراهيم غالي، زعيم عصابة الانفصاليين، على أراضيها للعلاج، فهذا يطرح أكثر من علامة استفهام حول النوايا الإسبانية تجاه قضية المغرب والمغاربة المرتبطة بالوحدة الترابية”.

أما أن تتحجج إسبانيا بالدواعي الإنسانية لاستقبال زعيم انفصالي، فإن ذلك، يضيف بلوان، “يضرب في العمق مصداقية الجارة الشمالية ويزيحها عن الحياد الذي تدعيه في ملف الصحراء، كما يضرب سمعة القضاء الإسباني الذي لم يحرك دعاوى المتابعة التي تقدم بها مجموعة من الأشخاص والهيئات ضد المدعو ابراهيم غالي في قضايا إرهاب وتعذيب واختطاف وانتهاك للحريات والحقوق”.

وأبرز المتحدث أن الأمر “يسائل مصداقية ونزاهة القضاء الإسباني لمجموعة من الاعتبارات”، و”القضاء الإسباني اليوم أمام امتحان حقيقي يتعلق بشموخه واستقلاليته؛ فالمؤشرات كلها تفيد بضرورة تحريك عاجل لمسطرة توقيف ابراهيم غالي، والتحقيق في دخوله التراب الإسباني بهوية مزيفة ووثائق سفر مزورة”.

وأكد الخبير في العلاقات الدولية أنه “كان لزاماً على إسبانيا إخبار المغرب بوجود المدعو ابراهيم غالي على تُرابها، لأن الأمر يتعلق بمخالفة للقوانين الوطنية الإسبانية والدولية، بل الأكثر من ذلك، كان حرياً بها توقيفه عند الحدود لأنه يحمل هوية مزورة واسما مستعارا وغير حقيقي، وبالتالي فطريقة دخوله إلى التراب الإسباني تعتبر غير شرعية”.

ونبه بلوان إلى أن “الحكومة الإسبانية اعترفت بتواجد غالي على التراب الإسباني”، مفيدا بأن “هذا فيه تأكيد ضمني على أن إسبانيا نسقت بشكل قبلي مع الجزائر والجبهة الانفصالية مسألة دخوله إلى ترابها بهوية غير حقيقية وجواز سفر مزور، وهو الأمر الذي يتطلب فتح تحقيق عاجل من لدن السلطات الإسبانية”.

وقال إنه “في الوقت الذي تسارع فيه دول العالم العظمى لدعم الوحدة الوطنية المغربية، والانخراط الايجابي في ايجاد حل سياسي متوافق عليه، ما زالت إسبانيا تغرد خارج السرب وتمارس ضغطا مكشوفا على المغرب في قضية حساسة من حجم ملف الصحراء”.

وتابع قائلا: “في هذا السياق جاء رد فعل وزارة الخارجية المغربية ليضع النقاط على الحروف، وصل حد استدعاء السفير الإسباني للتعبير عن أسف المغرب واحباطه من الإجراءات والتحركات الإسبانية التي تصب في مصلحة خصوم المغرب إن لم تكن في تنسيق تام معهم”.

وأردف بلوان بأن “المغرب يحاول أن يذكر بلهجة شديدة الجارة الشرقية بأن الشراكة الاستراتيجية والتعاون الشامل وحسن الجوار لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون على حساب قضية الصحراء والسيادة المغربية، خصوصا مع دينامية وجهود دولية تسعى لحل هذا الملف المفتعل” معتبرا أن إسبانيا ما زالت تتعامل بالغموص والتلكؤ، “فظاهريا تزعم أنها مع الشرعية الأممية، وتنسق في الخفاء مع الجزائر والجبهة الانفصالية، إلى حد استقبال زعيم الانفصال دون إخبار أو تنسيق مع المغرب”.

وأكد بلوان أن موقف وبيان وزارة الخارجية المغربية اليوم، يشكلان “دعوة صريحة ومباشرة من أجل تحريك الدعوى القضائية ضد زعيم الانفصال الذي يقدم نفسه رئيسا لدولة مزعومة ويدخل إلى إسبانيا بهوية مزورة كما يتسلل الارهابيون والمجرمون، مما يسائل مصداقية جميع المؤسسات الإسبانية، الأمنية والسياسية والقضائية”.

وخلص الخبير في العلاقات الدولية إلى اعتبار “التستر على المدعو ابراهيم غالي تحت غطاء هوية مزورة، فيه ضربة قاصمة للطرح الانفصالي الذي تقدمه البوليساريو، ويعكس صواب الموقف المغربي، كما يُعزز أيضاً مغربية الصحراء لدى المجتمع الدولي”.

ويرى المتحدث أن “الذي يُنصب نفسه رئيسا لجمهورية مزعومة، ويدخل بلاداً بهوية مُزورة، كما يقوم بذلك الإرهابيون والمجرمون وتجار المخدرات، هو يعترف ضمنيا بأنه مجرد بيدق في يد الجزائر التي أضفت عليه مسوح الزعامة لجمهورية وهمية لا وجود لها ولا مصداقية لها ولا أساس لها في القانون الدولي”.

وأفاد بلوان أيضا بأن “هذه الخطوة تؤكد اعتراف المجرم ابراهيم غالي بتورطه في الجرائم التي ارتكبها، وإلا ما كان ليدخل إسبانيا بهذه الطريقة الخفية والغبية. ومن ثم، أصبح لزاما على القضاء الإسباني التدخل من أجل التحقيق في الدعاوى المرفوعة ضده”.

hespress.com