يستمر عدم اليقين إزاء تطور وباء فيروس كورونا المستجد على الرغم من انطلاق حملات التلقيح في أغلب دول العالم لكن بوتيرة بطيئة مرتبطة أساساً بالإمكانات المتاحة للإنتاج.

وإلى حدود اليوم، أصيب بالفيروس حوالي 106 مليون شخص عبر العالم فيما توفي بسببه ما يناهز 2.3 مليون، وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية.

وكان نصيب المغرب وفقاً لمعطيات وزارة الصحة تسجيل إصابة بـ467 ألف شخصاً ووفاة 8424 شخصاً منذ مارس من العام الماضي إلى حدود اليوم.

وطيلة السنة الماضية، عاشت اقتصادات العالم ركوداً كبيراً بسبب إجراءات الإغلاق التي أقرتها الحكومات لمنع تفشي فيروس كورونا المستجد، ورافق ذلك استمرار عدم اليقين قبل التوصل إلى لقاحات.

وعلى الرغم من توفر عدة لقاحات ذات فعالية عليا اليوم، فإن بطء عمليات التطعيم لا تزال تدفع الحكومات إلى إقرار إجراءات لتقييد التجمعات والسفر الدولي، كما دفعت السلالة المتحورة دول أوروبا إلى تشديد التدابير.

وفي المغرب، لا تزال السلطات تطبق عدداً من الإجراءات من قبيل منع التجمعات الكبيرة وفرض ارتداء الكمامات وتقييد السفر الجوي ناهيك عن حظر التجول الليلي ابتداءً من الساعة الثامنة ليلاً.

ويطرح عدم استقرار الوضع في أوروبا تحديات أمام الاقتصاد المغربي على اعتبار أن المملكة تتعامل مع الاتحاد كأول شريك تجاري لها بحوالي 60 في المائة من صادراته، ناهيك عن ارتباط قطاعات عدة به من قبيل السياحة والخدمات.

ورغم أن عدد من المؤسسات الوطنية والدولية تبدي تفاؤلاً إزاء النمو الاقتصادي خلال السنة الجارية إلا أن هذا التفاؤل مشوب بالحذر بالنظر إلى غياب معطى السيطرة على الوباء من خلال المناعة الجماعية.

ولن يكون تحقيق المناعة الجماعية، سواء في المغرب أو العالم، أمراً هيناً، لأن الأمر يتعلق بأكثر من 7 مليارات نسمة يتطلب تطعيم أكثر من 70 في المائة من الساكنة.

ويقول علماء إن تقدير الوقت المتبقي لعودة إلى الحياة الطبيعية، يستند إلى وتيرة التطعيم ضد الفيروس، في المقام الأول، كما تكشف الأرقام أن ثلث دول العالم فقط هي التي بدأت التلقيح ضد فيروس كورونا حتى الآن، وهو ما يعني أن معظم البلدان لم تنطلق بعد لأجل تحصين شعوبها ضد العدوى.

ويؤكد كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، أنتوني فاوتشي، أن بلوغ مرحلة “المناعة الجماعية” أو ما يعرف بـ”مناعة القطيع” يتطلب تلقيح ما بين 70 و85 في المئة من السكان.

وتتحقق مناعة القطيع عندما تتكون مناعة ضد المرض لدى نسبة كبيرة من المجتمع، مما يجعل انتقال المرض من شخص لآخر غير مرجح، ونتيجة لذلك، يُصبح المجتمع بأكمله محمياً، وليس فقط أولئك الذين لديهم مناعة”.

وحول ما إذا كانت هذه التحديات ستطرح على المغرب مستقبلاً في حالة بروز أي متغير وبائي اللجوء إلى قانون مالية تعديلي، أوضح الخبير الاقتصادي محمد الشيكر، أن هذا السيناريو مستبعد.

وقال الشيكر، في حديث لهسبريس، أن الأمور المرتبطة بالوضعية الوبائية تسير في الاتجاه الصحيح، أخذاً بعين الاعتبار عدم وصول السلالة المتحورة إلى المغرب وانخفاض عدد الوفيات الناتجة عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد.

وذكر الخبير الاقتصادي أن التحسن في الوضعية الوبائية ينضاف إليه أيضاً بدء عملية التلقيح خصوصاً الأشخاص الذين يوجدون في الخطوط الأمامية والفئات الهشة.

ويورد شيكر أن الموسم الفلاحي الحالي يبقى جيداً نظراً للتساقطات المطرية المنتظمة التي سجلت في الأسابيع الماضية، وهو ما يجعل الفرضيات التي بنت عليها الحكومة قانون مالية 2021 تبقى صالحة.

في المقابل، أشار المتحدث أن المشكل المطروح بالنسبة للاقتصاد المغربي مرتبط بالاتحاد الأوروبي، وأضاف قائلاً: “إذا استمرت السلالة المتحورة في الانتشار وتطبيق إجراءات الحجر سيطرح مشكل لأن الاتحاد نصدر إليه أكثر من 60 في المائة صادراتنا”.

ويذكر الخبير الاقتصادي أن قطاع السياحة، مثل قطاعات أخرى، يواجه تحدياً كبيراً في طريق التعافي على اعتبار أنه مرتبط بالسياح الوافدين من الخارج والذين ينتظرون تحسن الوضعية الوبائية بشكل أكبر حتى يسافروا.

نفس الشيء مرتبط بقطاع السيارات التي يحتل المرتبة الأولى فيما يخص صادرات المملكة، بحيث يرتبط نمو نشاطه بالطلب في الأسواق التي توجه إليها السيارات التي يجري تركيبها في مصانع طنجة والقنيطرة.

hespress.com