سأكون واضحا معكم منذ البداية، لستُ واحدا من أفراد الجالية المغربية المقيمة في الخارج، ولستُ من أولئك المهاجرين الذين يحافظون على صداقاتهم وعلاقاتهم الأسرية في انتظار العودة أو في انتظار تحقيق حلم تمويل مشروع في بلدهم الأم، عفوا أنا لست من هؤلاء..

حتى أكون صادقا، أنا حاصل على جنسية بلد آخر، وأعيش في بلد آخر، وأدين لهذا البلد الجديد أكثر مما أدين لوطني الأم، لا تنتظروا مني أن أبكي على عزيز أو حبيب..

لقد قطعت شعرة معاوية مع العودة، وكل ما أملكه الآن هو وثائق هوية أخرى، ووثائق الانتماء إلى بلد آخر، وبعض أدوات التصوير والمونتاج، ولا داعي لأن يطلب مني أحد أن أهاجم بلدي..

أنا أفعل ذلك بشكل تلقائي؛ لأنه السبيل الوحيد لأستمر في الوجود، ولأستمر في ترويج أحقادي القديمة.

مثل جميع الأغبياء، لا أعتبر السب والقذف والتشهير تهما، طالما أن هناك هامشا للمناورة بوثائق ثبوتية أخرى.

كما أنني مجنون بما يكفي لكي أحس بالأمان وأنا في الخلاء، فطريق “اليوتوبر” هي طريق اللاعودة.. وأي محاولة للتغيير تقود، حتما، صاحبها إلى الهلاك..

أي وطن يبقى، وأي صديق يبقى بين الأسلاك الكهربائية التي لا تؤمن بالمشاعر وبالأوطان؟ وحدها الآلة تملي علينا شروطها الصارمة، لتحقيق انتشار مزعوم، لتدور طواحين “الابتزاز”، مستغلة جهل جمهور “البوز” بقواعد المهنة والشرف والأخلاق، طالما أن المشاهدة لا تفرض كشف الوجوه أو أماكن الوجود..

الدور الوحيد الذي يقوم به مشاهدونا هو أنهم يتحولون إلى أرقام في حساباتنا البنكية.. وعلى الرغم من أن المقابل ليس كبيرا، فإنه أحسن من لا شيء.

باختصار، لم أعد مغربيا؛ لكن ورثت عن المغرب لسانا ينطق بالدارجة، وإلماما كبيرا بقضايا الوطن، أبيعها بالجملة والتقسيط في السوق الدولية المفتوحة للتجارة الإلكترونية، حيث لا وجود للحدود أو الشروط..

ببساطة، يمكنني التعري أمام الناس وأخذ مقابل عن ذلك، أليست هذه هي الحرية في أبهى صورها؟..

أنتم تريدون صناعة وطن، وأنا أريد شبكة من المتابعين الافتراضيين المجانين الجاهلين..

وكلما كثر العدد كلما صارت هناك فرصة لبث وقائع غير صحيحة، لأنكم في العالم الواقعي تخافون من كثرتنا في العالم الافتراضي؛ بينما الحقيقة هي أنه يمكن التخلص منا جميعا بمجرد “ضغطة زر”..

والفاهم يفهم..

hespress.com