في خضمّ التّوتر بين المغرب وإسبانيا، تلقّت الرّباط هديّة من مدريد بإعلان سقوط زعيم حزب ”بوديموس” الإسباني بابلو إغليسياس في انتخابات منطقة مدريد، وتراجع الحزب الاشتراكي الذي يقود الحكومة الحالية، وهي تطوّرات قد تعيد ترتيب العلاقات بين المملكتين الجارتين، لاسيما بعد أزمة استقبال إسبانيا “زعيم البّوليساريو”.

ولطالما شكّل بابلو إغليسياس، الذي لا يتردّد في دعم الانفصال في الصّحراء، عقبة أمام تقدم العلاقات بين الرباط ومدريد. وظهر هذا جليا من خلال موقف المغرب تأخير عقد قمة ثنائية هي الأولى من نوعها منذ عام 2015، عندما تبيّن للرّباط أن لائحة المدعوين الإسبان تضمّ السّياسي المتطرّف.

ومباشرة بعد ظهور نتائج الانتخابات، أعلن إغليسياس أنه سيترك السياسة بصفة نهائية، ويتخلى عن جميع مناصبه في “بوديموس”، معترفا بفشله في السباق الانتخابي بالقول: “لست شخصية سياسية يمكن أن تسهم في قوتنا السياسية وفي ترسيخ ثقلها المؤسسي في السنوات القادمة”.

وتخلّصت الرباط، أخيرا، من سياسي متطرّف تمكّن من الوصول إلى قصر “لامونكلوا” وخلق متاعب كثيرة للحكومة الإسبانية، التي كانت تراهنُ على التهدئة مع الجانب المغربي في ملفات الأمن والهجرة والصحراء، لكن زعيم “بوديموس” كان يصرّ على الخلط بين دورين: المؤسّسي والحزبي؛ فهو في المقام الأوّل كان نائب رئيس حكومة إسبانيا، الدّولة التي يجب أن تهتم بشكل خاص بعلاقاتها مع جارها في الجنوب، وهو أيضا زعيم حزب يساري راديكالي يتبنى الأطروحة الانفصالية.

ورغم أن الملفات “السّيادية” في مدريد ترسم معالمها جهات ضيّقة داخل النظام السياسي الإسباني فإنّ تصريحات مساندة للانفصال في الصحراء لطالما أعادت العلاقات بين مدريد والرباط إلى نقطة الصفر، وغالبا ما تصدر عن تنظيمات متطرفة مثل “بوديموس” المشارك في الحكومة.

وفي الفترة الأخيرة، حاول زعيم بوديموس أن يستغلّ موقعه الرسمي الحكومي للضغط على المصالح الحكومية للتعبير عن موقف ينتصر لجبهة البوليساريو، إذ أصدر “تدوينات” على “تويتر” طالب فيها بتقرير المصير في الصحراء، ودعم بشكل مباشر قيام الجمهورية الوهمية، وهو ما تسبب في توتر العلاقات بين المغرب وإسبانيا.

وكان من المتوقّع أن يتنقّل إلى الرّباط ضمن الوفد الإسباني نائب رئيس الحكومة، بابلو إغليسياس، لحضور الاجتماع رفيع المستوى في 17 دجنبر الماضي، ولكن في اللحظة الأخيرة غيرت الحكومة المعايير وأسماء المدعوين، إذ اقتصر الأمر على الوزراء الذين لديهم مذكرة تفاهم مع نظرائهم المغاربة، بينما لم يتم عقد القمة التي مازال تاريخها معلقا.

وتعتبر إسبانيا الشريك التجاري الأول للرباط، كما أن المغرب هو أول زبون لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي بعد الولايات المتحدة. ويشكل المغاربة أكبر جالية في إسبانيا، حيث يبلغ عددهم ما يقرب من مليون شخص، بينما توجد في المغرب أكبر شبكة لمعهد ثربانتس الإسباني.

hespress.com