تشكل منصة المبادرات الاقتصادية المندمجة، التي تم افتتاحها مؤخرا بالفنيدق، فضاء يتيح فرصا جديدة ويفتح آفاقا واعدة لتحسين قابلية الإدماج المهني والاقتصادي للشباب وتقوية قابليتهم للتشغيل.
وتروم هذه المنصة، التي تم إحداثها ضمن برنامج تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب في إطار المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تقوية كفاءات الشباب الباحثين عن العمل ومساعدة حاملي المشاريع على تطوير أفكارهم وتحضير مخطط مشاريعهم والاستفادة من المواكبة التقنية والدعم المالي الضروريين.
كما تروم المنشأة، التي تعتبر جزءا من البرنامج المندمج للتنمية الاقتصادية والمجالية لعمالة المضيق الفنيدق وإقليم تطوان، إلى تشجيع المبادرة الخاصة وتوجيه وتأطير مبادرات الشباب حاملي المشاريع وتطوير روح المقاولة لدى شباب عمالة المضيق-الفنيدق من خلال وضع آليات لتقديم الدعم التقني والمالي خلال المراحل القبلية والبعدية من إحداث المقاولة، وذلك بهدف بث زخم في دينامية إحداث المقاولات وضمان استدامتها.
واعتبر رئيس مؤسسة المبادرة للشباب والمقاولة المكلفة بتسيير المنصة، منصف الكتاني، أن افتتاح هذه المنشأة توج مسلسلا طويلا من العمل المتواصل منذ سنة 2019، بإطلاق مجموعة من البرامج والمبادرات بتراب العمالة، والتي مكنت من تمويل أزيد من 90 مشروعا، لافتا إلى أن المنصة ستواكب هذه السنة 120 مشروعا خلال المراحل القبلية والبعدية لإحداث المقاولة.
وقال إن “الخبراء والمكونين الدائمين الذين تم توظيفهم بالمنصة شرعوا في تقديم دروس تكوينية تهم المراحل بعد تأسيس المقاولة لفائدة أصحاب المشاريع التي تم إطلاقها، وستستمر هذه الدروس بين 12 و 24 شهرا، كما شرع في استقبال حاملي المشاريع لتكوينهم ومواكبتهم خلال فترة تمتد من 3 إلى 6 أشهر في مراحل ما قبل إحداث المقاولة، بشكل يضمن مساعدتهم على إعداد مشاريعهم وتقديمها إلى اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية بعمالة المضيق الفنيدق، منوها بأن المؤسسة سبق ووقعت اتفاقية مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ترمي إلى إدماج العديد من برامج التنشيط الاقتصادي لفائدة الشباب.
بهذا الصدد، أشار السيد الكتاني إلى أن المنصة، بالإضافة إلى دور مواكبة حاملي المشاريع والشباب، تطمح لأن تدعم المقاولات الصغيرة جدا ومقاولات القطاع غير المهيكل ومساعدتها على الهيكلة بالنظر إلى أن عمالة المضيق-الفنيدق تضررت بشكل كبير بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد، خاصة بعد إغلاق معبر باب سبتة.
كما ذكر المسؤول بأن عددا من الاجتماعات انعقدت هذا الأسبوع على مستوى عمالة المضيق-الفنيدق، برئاسة والي جهة طنجة-تطوان-الحسيمة محمد مهيدية، بهدف إيجاد حلول عاجلة لإخراج حزمة من المشاريع والمبادرات الاقتصادية التي من شأنها تعزيز الإدماج الاقتصادي للشباب والنساء الذين اشتغلوا لسنوات في نقل البضائع المهربة من سبتة.
وقال “اليوم، كل هذه المبادرات يمكن أن تستفيد من منصة المبادرات الاقتصادية المندمجة بالفنيدق”، معلنا عن أن منصتين مماثلتين ستريان النور قريبا بكل من المضيق ومرتيل.
وكشف السيد الكتاني عن أنه يشترط في الشباب أن تتراوح أعمارهم بين 18 و 45 سنة للاستفادة من الدعم المقدم، مضيفا أننا “نسهر أن يكون هؤلاء الشباب حاملين للفكر المقاولاتي ويبدون إبداعا وابتكارا، وأن يكونوا قادرين على إثبات أن مشاريعهم ستحدث ثروة وفرص شغل وان تكون متكاملة مع سلاسل القيمة ذات الأولية والمحددة من قبل السلطات العمومية على المستوى المحلي”.
من جهته، سجل رئيس قسم العمل الاجتماعي بعمالة المضيق-الفنيدق، محمد البرقوقي، انه تم وضع حوالي 300 مشروع لدى مختلف المنصات المحدثة على مستوى العمالة خلال الفترة بين 2019 و 2020، 90 مشروعا من بينها تم تمويلها و 70 مشروعا آخر يوجد في طور الحصول على التمويل.
وذكر بأن هذه المشاريع تطلبت استثمارا إجماليا بقيمة تصل إلى 10 ملايين درهم، من بينها 5 ملايين درهم مقدمة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ووفرت 303 منصب شغل، مضيفا أن منصة المبادرات الاقتصادية المندمجة تشكل فضاء يروم تقوية قابلية الشباب للتشغيل ومساعدة من يرغبون في إطلاق مقاولاتهم الخاصة، وكذا مواكبة مختلف المبادرات الاقتصادية التي يتم القيام بها من مختلف المؤسسات العمومية والفاعلين الاقتصاديين والمؤسسات المالية على مستوى العمالة.
وذكر المسؤول بأن العمالة احتضنت مؤخرا سلسلة من الاجتماعات، برئاسة والي الجهة وحضور عامل عمالة المضيق-الفنيدق ياسين جاري، والتي توجت بوضع حزمة من الإجراءات الفورية الرامية إلى تحقيق الإنعاش الاقتصادي على مستوى تراب العمالة، على ضوء الأزمة التي تسببت فيها جائحة فيروس كورونا.
وكشف أن الأمر يتعلق بشكل خاص بتمويل 70 مشروعا تم انتقاؤها خلال فبراير الجاري بميزانية تصل إلى 3,5 مليون درهم، والمصادقة على 60 مشروعا آخر تم انتقاؤها على مستوى المنصة الجديدة في أجل لا يتعدى أبريل المقبل والتي سيتم تمويلها من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2 مليون درهم) وبرنامج “انطلاقة” (1 مليون درهم)، بمساهمة من مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة ووكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال.
أما على المدى المتوسط، فقد شدد المتحدث على أن المخطط المسطر يطمح لبلوغ 300 مشروع في أجل 10 أشهر، باستثمار إجمالي يصل إلى 15 مليون درهم، والذي من شأنه توفير 900 منصب شغل، من بينها 300 منصبا موجها للنساء دون موارد مالية قارة.
بخصوص برنامج “انطلاقة”، أشار السيد البرقوي إلى استقبال 183 مشروعا، من بينها 153 مشروعا بغلاف مالي يصل إلى 15 مليون درهم، والتي يرتقب أن توفر 309 منصب شغل.
من بين المشاريع الواعدة التي تمت مواكبتها من طرف المنصة توجد الشركة الناشئة إليكترونيك بايزد أبليكايشن كومباني « EBAC »، التي يوجد مقرها بمرتيل والتي تطلبت غلافا ماليا يصل إلى 215 ألف درهم، 80 ألف درهم من بينها كمساهمة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وأوضح محمد الغازي وياسين نايت الحاج، مؤسسي الشركة الناشئة، أن “EBAC تقدم حلولا تكنولوجية للاستجابة إلى حاجات المقاولين الذاتيين والمقاولات الصغيرة والمتوسطة مع تطبيقات رقمية وسحابية تساعد على تدبير المشاريع وتسويقها رقميا”، مبرزين أنهما يعتزمان إحداث شركات ناشئة أخرى تلبية للحاجات المعبر عنها على مستوى الجهة وبالنظر إلى تنوع المشاريع المحتملة على مستوى عمالة المضيق-الفنيدق، وذلك انطلاقا من الفكرة إلى التنفيذ مع ضمان الاعتماد على الابتكار والتكنولوجيا.
واعتبرا أنه من خلال هذا الهدف، يمكن للشركة الناشئة أن تحقق رؤيتها لرقمنة المشاريع الصغيرة والمتوسطة لمساعدة حاملي المشاريع على الولوج إلى الأسواق في مختلف مناطق العالم من خلال استغلال شبكة الانترنت وبالتالي المساهمة في إحداث مزيد من منصب الشغل.
بحي حيضرة بمدينة الفنيدق، قررت حياة العشيري إحداث مستوصف للخدمات الصحية للقرب بفضل دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بهدف تقديم خدمات صحية للسكان بالحي الذي تنحدر منه، وتجنيبهم عناء التنقل خلال زمن الجائحة بشكل خاص.
كما تستفيد حياة أيضا من المواكبة المتواصلة لمنصة المبادرات الاقتصادية المندمجة بالفنيدق، والتي لا تدخر أي جهد من أجل تقوية قابلية شباب المنطقة للتشغيل ومساعدة حاملي المشاريع على تحقيق أحلامهم في مستقبل أفضل.