دون بوادر حقيقية تفيد بخلق الاستثناء في انتخابات هذه السنة، تمضي الأحزاب السياسية نحو إعادة ترشيح وجوه تقليدية تتفرق بين المألوفة والمتورطة في ملفات مالية وأخلاقية متعددة.
ولم تبد الأحزاب على امتداد الفترة التي تسبق الانتخابات المرتقبة أي مجهودات ملموسة لاستقطاب أسماء جديدة، فيما تبرز الخريطة الحالية احتفاظ الأعيان بألوانهم السياسية المعلومة.
وستواجه الأحزاب المغربية تحديات كبيرة في مختلف الجهات مع دنو موعد الانتخابات؛ فالعديد منها يشهد صدامات داخلية في مسار البحث عن التزكية على رأس لوائح الترشيح، كما يعاني معظمها من جمود تام لا تكسره سوى الحملات الانتخابية الظرفية.
ولا تعرف مقرات أغلب الأحزاب بالجهات دينامية في الأيام العادية، وتتحول إلى غرف تسجيل لبعض نشاطات ممثليها داخل المجالس، أغلبية كانت أو معارضة، لتكرس بذلك الصور النمطية التي باتت تلازمها.
هذا المعطى يرخي بظلاله على الأحزاب وهي تبحث عن أسماء تستطيع إنهاء “معارك الانتخابات”، والتداول بعدها في تدبير المرحلة على أصعدة عدة، خصوصا الجماهيرية منها والحضور الميداني.
هشام معتضد، أستاذ باحث في العلوم السياسية، قال إن “توجه بعض الأحزاب لتزكية وجوه مرفوضة مجددا في الانتخابات القادمة، يترجم مدى تقوقع التوجه السياسي لتلك الأحزاب واختياراتها الخطيرة على المشهد السياسي والعملية الانتخابية”.
واعتبر معتضد أن “الاحتفاظ بنفس التوجه السياسي والدفع بتقديم أشخاص غير مرغوب فيهم مجددا، سيعجل بإفراغ المسلسل الانتخابي من حيويته السياسية؛ فالأحزاب التي تتجه إلى تقديم أسماء متورطة في ملفات مالية وأخلاقية ستكون قد ساهمت في تدبير فعل إجرامي سياسي وتبني سلوك مرفوض اجتماعيا”.
وأشار الأستاذ المغربي بجامعات كندا إلى أن “مقاربة الاحتفاظ بالخزان الانتخابي تترجم مدى احتكار حكام الأحزاب للنهج القديم في تدبير المؤسسة الحزبية، وترسيخ ثقافة التبعية السياسية من أجل الاحتفاظ بمصالح شخصية أو تدبير صفقات سياسية ذات توجهات اقتصادية واجتماعية”.
وخلص معتضد إلى أن “الاعتماد على الوجوه المرفوضة شعبيا يعد رهانا فاشلا وتوجها خطيرا في ظل الاستحقاقات القادمة، خاصة وأن نسبة المشاركة السياسية في الانتخابات رهينة بمدى جدية الأحزاب وانخراطها في الحياة السياسية والتمرين الديمقراطي”.