رغم أن الجيش الملكي المغربي يتجنب بشكل كبير الدعاية في وسائل الإعلام، إلا أن المؤكد أن المؤسسة العسكرية المغربية حققت تقدما كبيرا في السنوات الأخيرة؛ ويمكن أن يستشف ذلك من خلال الدور الذي قامت به “المصالح العسكرية” في محاربة وباء كورونا، ومجهودها الكبير المتعلق بتدبير عملية التلقيح.. وما كل شيء يقال. وتكفي العودة في هذا الصدد إلى طريقة تحرير معبر الكركرات ووضع “الأعداء” عند حدودهم.
ولأن الجيش الملكي بات رقما صعبا، في جميع المعادلات بمنطقة البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا، فقد كان من الطبيعي أن تتركز الأنظار على كل ما يتسرب من معطيات عن “مناورات الأسد الإفريقي”، وهي عمليات عسكرية تدريبية جرت العادة على تنظيمها منذ سنة 2007 بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، وينتظر أن تستأنف من جديد هذا العام في شهر يونيو المقبل، بعد توقف اضطراري بسبب تفشي وباء كورونا.
ولأن “المصائب” بالنسبة لخصوم المغرب تأتي تباعا فإن هذه المناورات ستعرف هذه المرة توسيع مجالها الجغرافي ليصل إلى تونس؛ كما أنها تأتي في سياق اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، وهي بذلك تكريس لهذا الاعتراف، وعنوان لتغييرات إستراتيجية كبرى في المنطقة، ستجعل من المغرب قطب الرحى في شمال إفريقيا..
فأي بلد هذا سيجرؤ على المغرب وهو الذي نجح في إعادة توقيع اتفاقيات “الدفاع المشترك” مع أمريكا، التي تسعى إلى “دمج قواتها في أوروبا وإفريقيا”؟.. من يدري، قد تصبح غرفة العمليات هنا في المغرب ولم لا في الأقاليم الجنوبية.
كيف يمكن تصور إمكانية الرجوع بالعلاقات المغربية الأمريكية إلى الوراء، واللواء أندرو إم روهلينج، نائب القائد العام للجيش الأمريكي في أوروبا وإفريقيا، يقول إن “مناورات الأسد الإفريقي لسنة 2021 ستكون فرصة تدريب جيدة لحلفائنا”، وهو نفسه الذي أصر على أن يبلغ الصحافيين أن “مناورات الأسد الإفريقي تهدف بشكل أساسي إلى تعزيز التعاون العسكري بين الدول المشاركة للاستجابة للأزمات التي قد تطرأ، وكذلك التهديدات الإرهابية الكامنة في دول المنطقة”؟..
كيف سيكون حال خصوم المغرب، من المدعين الكبار والصغار، وهم يتابعون الاجتماعات التحضيرية لمناورات الأسد الإفريقي وقد انعقدت بالمكان نفسه الذي تقول عنه الدعاية الكاذبة للبوليساريو إنه يتعرض للقصف؟ فعندما كان الإعلام الجزائري يروج للهجومات الوهمية كانت الوفود العسكرية الأمريكية تتجول بكل طمأنينة في ضيافة الجيش الملكي، بمنطقة الداخلة وطانطان.. وصولا إلى منطقة المحبس.
إن مناورات الأسد الإفريقي، رفقة “أسود الأطلس” الحقيقيين، ليست مجرد مناورات عابرة، بل هي عنوان لتوازنات المستقبل، لذلك من الطبيعي أن يقلق الخصوم، خاصة أن هذه التدريبات العسكرية (ولا فرق عند العسكر بين التداريب والحرب) تشمل على سبيل المثال تمارين للتّدخلات السّريعة والمناورات الجوّية المباغتة، باستخدام طائرات F-16 وKC-135، بالإضافة إلى تدريبات ميدانية للمظليين، وتمارين طبية، وتمارين للاستجابة الكيميائية والبيولوجية، وبرنامج للمساعدة المدنية الإنسانية..
حفظ الله بلانا وجيشنا..