ساهمت التساقطات المطرية الأخيرة في بث الأمل وسط فلاحي جهة بني ملال خنيفرة، خصوصا العاملين في سلسلة إنتاج الشمندر السكري التي تعتبر إحدى الزراعات الأساسية في الجهة.

تتواجد هذه الزراعة في خمس مناطق فلاحية، هي تادلة والغرب ودكالة واللوكوس وملوية، ويشتغل فيها آلاف الفلاحين، وتمتاز هذه السلسلة بضمان بيع المنتوج لفائدة مجموعة “كوسومار”.

مستريح البوهالي، فلاح بمنطقة بني موسى قرب مدينة سوق السبت، أكد أن التساقطات المطرية الأخيرة لها تأثير إيجابي على سلسلة إنتاج الشمندر السكري، خصوصا أنها كانت منتظمة وساهمت في تجاوز التأخر الذي سجل في بداية الموسم الفلاحي.

وذكر البوهالي، في حديث لهسبريس، أن بداية الموسم الفلاحي كانت مطبوعة بالتأخير بفعل غياب التساقطات المطرية وضعف الفرشة المائية، وهو ما تم تجاوزه بفضل تضافر جهود مختلف المتدخلين في هذا المجال.

وبالإضافة إلى التساقطات المطرية، فإن الثلوج التي تهاطلت على المنطقة في الأسابيع الماضية سيكون لها أثر جيد على الفرشة المائية التي تعتبر ضمانة لنجاح السلسلة الإنتاجية طيلة الأشهر المقبلة.

ويتوقع البوهالي أن يكون مردود زراعة الشمندر السكري خلال الموسم الفلاحي الحالي أحسن من السابق، مرجحا أن تتراوح الإنتاجية بين 60 طنا و160 طنا في الهكتار الواحد.

ويؤمن الفلاح ذاته بمقولة “الأرض عْطيها تعطيك”. وفي هذا الصدد، قال: “كلما بذلت مجهودا وأعطيت الاهتمام والعناية اللازمة للأرض، يكون الخير، خصوصا أن هذه السلسلة هي الوحيدة التي يضمن فيها الفلاح تسويق منتوجه لفائدة مجموعة كوسومار”.

وتتعاقد مجموعة “كوسومار”، الفاعل في قطاع السكر بالمغرب، مع الفلاحين في المناطق التي تتواجد فيها مصانعها من أجل اقتناء كامل منتوج الشمندر السكري، وهو عامل مهم يميز السلسلة على باقي السلاسل.

وأشار البوهالي إلى أن “سلسلة إنتاج الشمندر السكري توفر للفلاحين ضمانة التسويق، العائق الكبير والحقيقي الذي يواجه سلاسل الإنتاج الأخرى، كما أن المغرب لا يحقق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة، وهو ما يتيح للفلاحين فرصة رفع الإنتاج لتلبية الحاجيات الوطنية”.

ومن المعروف أن المغرب يحقق الاكتفاء الذاتي في الخضر والفواكه واللحوم الحمراء والبيضاء والبيض والحليب ومشتقاته، في حين ينتج حوالي 65 في المائة من حاجياته من الحبوب، و49 في المائة بالنسبة للسكر، ويستورد الباقي خاما لإعادة تكريره محليا.

وتبدأ زراعة الشمندر السكري في شهر شتنبر إلى بداية يناير، أما جني المنتوج فيتم الشروع فيه أواخر شهر أبريل إلى غاية شهر غشت، وهي زراعة تحتاج السقي باستمرار أكثر من السلاسل الأخرى.

وبحسب إفادات محمد مغراوي، عضو الغرفة الفلاحية لجهة بني ملال خنيفرة، فإن الموسم الفلاحي لزراعة الشمندر السكري عرف تأخرا بسبب انخفاض حقينة سد بين الويدان، وهو ما أثر على المساحة المزروعة على مستوى الجهة، حيث انخفضت إلى 10 آلاف هكتار مقابل حوالي 16 ألف هكتار خلال الموسم الفلاحي السابق.

وقال مغراوي، في حديث لهسبريس، إن التساقطات المطرية الأخيرة كان لها أثر إيجابي على جميع سلاسل الإنتاج في الجهة، معتبرا أن هذه الأمطار أنقذت الموسم الفلاحي الحالي لأن حقينة سد بين الويدان كانت في مستوى غير كاف.

وانتقلت حقينة سد بين الويدان، وهو من السدود الكبيرة في المملكة موجه نحو الزراعات المسقية، من 19 في المائة إلى 22 في المائة، حيث يصل الصبيب الذي يغذي السد إلى حوالي 3 ملايين متر مكعب في اليوم، وهو ما يضمن مرور الموسم الفلاحي في ظروف جيدة.

وأوضح مغراوي أن سلسلة إنتاج الشمندر السكري تتميز عن باقي السلاسل بضرورة المتابعة من قبل الفلاح، بدءا من الزراعة والسقي المنتظم ومحاربة الفطريات واستعمال المبيدات الحشرية، لضمان محصول جيد.

وتستفيد زراعة الشمندر السكري بجهة بني ملال خنيفرة من المكننة خلال جميع مراحلها، وهو ما كان له وقع إيجابي على الفلاحين، ويُعول على الموسم الفلاحي الحالي لتعويض المواسم السابقة على مستوى المردودية في الهكتار الواحد.

وتنتشر في جهة بني ملال خنيفرة زراعات الخضر والحوامض والحبوب المختارة، إضافة إلى الشمندر السكري. كما يتم الحرص على احترام الدورة الزراعية للحفاظ على الإنتاج وتحسين خصوبة التربة.

وبحسب الإفادات التي قدمها خيي عبد الجليل، المدير الزراعي لمعمل السكر بتادلة التابع لمجموعة كوسومار، فإن المساحة المزروعة من الشمندر السكري خلال الموسم الفلاحي 2019-2020 كانت تتجاوز بقليل 15 ألف هكتار، بمنتوج يتجاوز المليون طن.

وأضاف عبد الجليل، في تصريح لهسبريس، أن الموسم الفلاحي السابق عرف تحسنا في مدخول الفلاحين بحوالي 15 في المائة مقارنة بموسم 2018-2019، رغم الظروف غير المواتية.

وبخصوص الموسم الفلاحي الحالي، فقد بلغت المساحة المنجزة بجهة بني ملال خنيفرة حوالي 10 آلاف هكتار، ومرت عملية الزرع والإنبات في ظروف جيدة، كما أن التساقطات المطرية الأخيرة التي تجاوزت 50 ملم كان لها أثر إيجابي على الشمندر السكري وعلى السلاسل الأخرى.

ويقوم الفلاحون خلال الفترة الحالية بعملية تسميد وصيانة حقول الشمندر السكري، وأكد عبد الجليل أن الحالة الصحية لجميع المساحات المزروعة تبقى جيدة بفضل تدخل مجموعة كوسومار، بشراكة مع مختلف الفاعلين في المنطقة، من خلال مرصد تتبع وقاية النباتات السكرية.

ويسهر المرصد سالف الذكر، المكون من تقنيين ومهندسين تابعين لمجموعة كوسومار، على تتبع السلسلة بشكل يومي، وهو ما يمكن من التنبؤ باحتمال ظهور الأمراض الفطرية والحشرات، كما تتم الاستعانة بمحطات رصد الجو لتتبع الحرارة والرطوبة وإشعار الفلاح بكل مستجد.

وبحسب إفادات خيي عبد الجليل، فإن معدل الإنتاج المسجل في زراعة الشمندر السكري خلال الموسم الفلاحي في الجهة بلغ 68 طنا في الهكتار، ويتوقع أن يتجاوز متوسط المردود خلال الموسم الحالي 72 طنا في الهكتار.

hespress.com