وقال عضو اللجنة الوطنية العلمية والتقنية لمكافحة كوفيد -19، في مداخلة قدمها أمس الخميس ضمن أشغال ندوة “الأمن الصحي بالمغرب، تحديات ما بعد كوفيد -19” التي نظمتها مجموعة العمل الموضوعاتية الخاصة بالأمن الصحي بمجلس المستشارين، إن جهود المغرب كللت بالنجاح أيضا، بفضل توفير استثمار مالي كبير، واعتماد مقاربة استباقية مندمجة وشاملة وتشاركية قوامها التواصل، مبرزا أن قرار رفع عدد المستفيدين من الحماية الصحية والاجتماعية تم اتخاذه في عز الأزمة الصحية.
وشدد الإبراهيمي على أن اللجنة الوطنية كانت مستقلة بشكل تام، مسجلا أن نقاشاتها وقراراتها كانت تتخذ بكل تجرد، مشيرا إلى أن جائحة كوفيد -19 سرعت حدوث سبعة تحولات: تمثل الأول في ظهور “منظومة صحية موزعة”، حيث يتم تقديم الرعاية الصحية ليس في المرافق الثابتة فحسب، ولكن أيضا في أماكن العمل والتجمعات والمنازل وغيرها.
أما التحول الثاني، يبزر الإبراهيمي، فهو “منظومة صحية متصلة” تتيح تبادل البيانات مع بعضها البعض والأنظمة خارج الرعاية الصحية وتكون متاحة للعاملين الصحيين والمرضى على الأجهزة المحمولة، في حين أن التحول الثالث تمثل في “منظومة صحية مستمرة” تقدم الرعاية الصحية على مدار الساعة والعام وليس فقط 15 دقيقة يقضونها في منشأة ثابتة.
وهم التحول الرابع “منظومة محورها الإنسان”، فيما تمثل التحول الخامس في “منظومة لا مركزية” قامت على عملية صنع القرار في أيدي المسؤولين المحليين والأطر الصحية وحتى المرضى.
وبخصوص التحولين السادس والسابع، قال البروفيسور الإبراهيمي إنهما يتمثلان في “منظومة تشاركية” قوامها الجمع بسلاسة بين رؤى غير الخبراء والخبراء والسلطة المحلية والمريض نفسه الذي أخذ على نفسه البحث عن أفضل الطرق للتعامل مع الجائحة، وكذا “منظومة مرنة” تتميز بسرعة الاستجابة والتكيف التلقائي مع البيانات والأمراض الجديدة.
ولفت إلى أن هذه التحولات “تطرح مجموعة من التساؤلات تصب كلها في الدفع بمأسسة مقاربة مندمجة من أجل تحقيق أمن صحي مغربي”، موضحا أن تأهيل المنظومة الصحية للقرن الحادي والعشرين يشمل ثلاثة مداخل هي التمويل الصحي وتقديم الخدمات والصحة العمومية.
ففيما يتعلق بالمدخل الأول، سجل المتحدث أهمية سيادة التمويل العمومي، وإعطاء الأولوية للصحة في موازنات الدولة، وتحسين الإنفاق من خلال الإصلاحات ثم توفير تمويل جهوي للتعامل بشكل أفضل وبعدالة بناء على درجة الحاجة والأداء ومخصصات الجهات والضرائب المؤيدة للصحة.
وبالنسبة للمدخل الثاني (تقديم الخدمات)، أكد على توفير رعاية صحية بجودة أفضل تمزح بين القطاعين العام والخاص، مع خيار أن يكون القطاع العام قويا، وإحداث انتقالات متعددة في تقديم الخدمة، مع اضطلاع الحكومة بدور حاسم في تعزيز نموذج “المصدر المفتوح” لأنظمة تقديم الخدمات، فضلا عن دعم الابتكارات في مجال الرعاية الصحية.
ويقتضي المدخل الثالث (الصحة العمومية)، وفقا للإبراهيمي، تعزيز الرصد ورفع قدرات المختبرات العامة على مستوى المناطق، بما في ذلك الأمراض حيوانية المنشأ، وإعداد مؤسسات وطنية وحكومية تستجيب بفعالية للأوبئة ووضع البحوث طبقا للوائح الصحية الدولية، علاوة على تعزيز الإصلاحات والابتكارات المؤسسية في برامج مكافحة الأمراض الرئيسية.
وطالب مدير مختبر البيوتكنولوجيا الطبية بتفعيل مفهوم الصحة الواحدة “One Health” على المستوى الوطني والمستويات الدولية “كنهج يعترف بأن صحة الإنسان مرتبطة ارتباطا وثيقا بصحة الحيوانات والبيئة المشتركة”، محذرا من أن أوبئة الأمراض المعدية لا تشكل تهديدا للصحة المحلية فحسب، بل تشكل أيضا تهديدا دوليا للأمن الصحي. وحث في هذا الإطار على التعاون والتأهب على الصعيد الوطني عبر تعزيز المنظومة الصحية وإشراك جميع المتدخلين.
ولتحقيق ذلك، أكد عضو اللجنة العلمية أن هناك ثلاثة مجالات تشمل “الوقاية من الأوبئة التي يمكن تجنبها”، و”رصد التهديدات في وقت مبكر بتفعيل اليقظة”، و”الرد المنهجي والاستجابة بسرعة وفعالية”.