لا يخفى على متتبع مسارات العديد من الحركات الإسلامية، خاصة “الإخوانية” منها، أنها تتسم بكثير من الانتهازية والشخصانية، وغير قليل من العصبية والانكباب على الذات في تعاطي قياداتها وحتى قواعدها مع ملفات المجتمع والدولة.

هذه الاتهامات ليست من “عندياتي”، ولا من نسج “خيالي المريض” كما قد يتهمني أنصار أطروحة الإسلام السياسي.

الشيخ محمد الغزالي، المفكر والداعية الإسلامي البارز، كان أحد أشهر من كشف حقيقة جماعة الإخوان في مصر عندما انشق عنها، وهي الجماعة ذاتها التي ينهل من أدبياتها وفكرها “إخوان المغرب”، عندما قال قولته المتداولة إلى اليوم: “كنت إذا صارحت بأن للإخوان أخطاء وجدت العيون تحمر، كأني كفرت فأقول لهم: المسلمون هُزموا يوم غزوة أُحد وقيل لهم: إنكم أخطأتم، فكيف تريدون أن تبرئوا أنفسكم من كل خطأ؟.. إنها عصبية عمياء”.

هي ردود الفعل نفسها ـ وإن تغيرت الأزمنة والظروف والسياقات والأحداث ـ التي ما فتئ يفرزها منتسبون إلى “تيار الإخوان” في المملكة، والذين يمثلهم أساسا إسلاميو “العدالة والتنمية” وحاضنتهم الدعوية حركة الإصلاح والتوحيد.

وهكذا وجد عمدة فاس، إدريس الأزمي الإدريسي، الذي لم يرغب في “لعن الشيطان إبليس” كما طلب منه الشاعر الأديب اللبيب سعد سرحان، من الوقت ما يجعله يهاجم الرجل، فقط لأنه كتب مقالا عن أحوال فاس التي آلمته.

وحده ـ عملا بمثال “مول الفز كيقفز” ـ أمسك بـ”فأرته” وحاسوبه لينهال بالتقريع على المنتقدين، على شاكلة “من ليس معي فهو ضدي، ومن هو ضدي فهو عدوي”، بينما لم ينطق بكلمة “آل البصري ولا شباط” رغم أنهم وردوا في المقال ذاته الذي عكر مزاج “السيد العمدة المبجل”.

ولم يبتعد عن أحوال الانتهازية والحربائية “أخ العمدة” في السياسة والحزب، مصطفى الإبراهيمي، الذي أزبد وأرغد ضد وزارة الداخلية، في جلسة ظن ألا أحد سيفضح ما جاء فيها، قبل أن يرتد على عقبيه وينفي تهديده بتنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة الداخلية بشأن إعداد وتنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية.

لكن هؤلاء و”إخوانهم كثيرون” ليسوا سوى “تلاميذ صغار” في حضرة “كبيرهم الذي علمهم السحر”، عبد الإله بنكيران، الذي لقبه الشعب وحق له ذلك بـ”بنزيدان” لكثرة ما زاد عليه في الأسعار والضرائب.

وقد لا أكون مغاليا إن قلت إن أكابر ورؤوس “الحزب الإسلامي” يرون كل صيحة ضدهم. وقد قال الله عز وجل في كل من يسلك هذا المنهج: “وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة، يحسبون كل صيحة عليهم”.. فهم لا يستسيغون نصحا ولا يقبلون توجيها فبالأحرى انتقادا.

إنهم فراعنة صغار يرضعون من “فرعون مصر الأكبر” الذي هزمه نبي الله موسى، عندما جاءت سيرته في القرآن الكريم: “قال فرعون: ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد”..

فرعون يرى ما يصدر عنه منتهى الرشاد، وغيره متنطعون يشاقون عصا الطاعة، وكذلك “إخوان المغرب”!!.

hespress.com