الموعد الدّولي الوحيد الذي تراهن عليه “البوليساريو” والجزائر لإحراجِ الرباط بمطلب “الانفصال” مرّ “باهتاً”، ولم يغيّر من الوضع السّياسي والجيوراستراتيجي في الصّحراء شيئاً؛ فلم تحمل أشغال مجلس الأمن الدّولي، المنعقد بداية الأسبوع الجاري، أيّ جديد في ما يخصّ الوضع في المنطقة. كما لم يتم الإشارة إلى أيّة تجاوزات أو نشوب حربٍ، كما تدّعي الجبهة.

وبطلب من ألمانيا، عقد أعضاء مجلس الأمن الدولي جلسة مغلقة للتداول في تطورات ملف الصحراء بعد قرار الرئيس الأمريكي، بحضور كل من بينتو كيتا، مساعدة الأمين العام لشؤون إفريقيا، وكولين ستيوارت، رئيس بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو).

وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، قبيل إحاطة المجلس التي طلبتها ألمانيا: “لا توجد تغييرات عملياتية كبيرة من جانبنا”، مضيفاً “موقفنا من الإعلانات المتعلقة بالصحراء الغربية لم يتغير… وما زلنا نعتقد أنه يمكن إيجاد حل من خلال الحوار على أساس قرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.

وقال شرقي خطري، الخبير في العلاقات الدّولية، بأنّ “الجلسة الأممية تأتي في سياقات وتحوّلات جیوسياسية جديدة والتي رافقت مخرجات القرار الأممي الأخير، من تمديد صلاحيات المینورسو ووصولا إلى افتتاح بعثات دبلوماسية من دول عديدة إلى التعاطي مع أزمة “الكركرات” وضبط النفس الذي رافقها والمواقف الدولية المنددة بالتصرفات اللامسوؤلة للجزائر والبولیساریو”.

واعتبر مدير مركز الجنوب للدّراسات والأبحاث، في تصريح لهسبريس، أنّ “عرض محاور الجلسة يأتي بهدف حفظ ماء الوجه لا أكثر لا أقل، خاصة جنوب إفريقيا المؤيدة للموقف الجزائري بشكل مباشر وجانب أوروبي بشكل غير مباشر، خاصة إسبانيا التي عبّرت عن امتعاضها الشديد للموقف الأمريكي”.

وجدّدت المندوبة الأمريكية أهمية هذا الموقف في إحلال السلم والسلام بالمنطقة وواقعية وراهنية المبادرة المغربية، المتمثّلة في مخطّط الحكم الذّاتي. وقال خطري بأنّ “انعقاد هذه الجلسة یترافق مع استمرار سعي الطرف الجزائري في خلق الأزمات واقتیاد المنطقة إلى الطريق المسدود”.

وشدّد خطري على أنّ “هذه الجلسة ينظر إليها من خلال 3 زوايا؛ الأولى تتوخى ضرورة مضي الأمم المتحدة في لعب دور أساسي وجوهري في نزاع الصّحراء، وحضور رئيس بعثة المینورسو ومساعدة الأمين العام للشؤون الإفريقية والموقف البلجيكي والألماني”.

أمّا الملاحظة الثّانية، فهي مرتبطة، بحسب المحلّل، بالوضع الجديد الذي نتج عن الموقف الأمريكي وعرض المندوبة الأمريكية بمجلس الأمن الدّولي کیلي کرافت حمل سيناريوهات جديدة على مستوى الواقع الجديد واستشراف الخطوات المستقبلية ومعالم التأثير القادمة ومفاهيم تحول الصراعات نحو خلق السلام”.

والملاحظة الثالثة، إظهار هذه الجلسة لضعف الرأي المعادي للمغرب وخاصة الجنوب الإفريقي الذي يواصل التيه في واقع بعيد عن فهم تموقعات المصالح الجديدة في حقل العلاقات الدولية والمواصلة في عدم الأخذ بالعوامل البنيوية التي أفرزتها الساحة الدولية خلال السنوات الأخيرة سواء سياسيا واقتصاديا وأمنيا بمحيطها الإقليمي والدولي”.

وقال خطري بأنّ “هذه الجلسة تمضي في ضرورة العودة إلى المفاوضات وترسيخ مبدأ السلم والأمن السائد وضرورة تحمل جميع أطراف مسؤوليتها في هذا الباب، مع الأخذ في الحسبان المواقف الجديدة المعبر عنها في الساحة الدولية والتي سيكون لها الأثر في إنهاء النزاع”.

hespress.com