على بعد أشهر قليلة من انتهاء ولايتها، أعدت حكومة سعد الدين العثماني مشروعا أوليا لمخططها الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 26.16 الذي يحدد مراحل تفعليها وإدماجها.
وحسب وثيقة المشروع الأولي، فقد وضعت الحكومة عددا من التدابير الخاصة بإدماج الأمازيغية في مجال التعليم متعهدة بتدريسها تدريجيا في جميع مستويات التعليم الأولي والابتدائي والثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي والتكوين داخل 5 سنوات وأخرى في عشر سنوات.
وجرى تقديم هذا المشروع خلال الاجتماع الأول للجنة الوزارية الدائمة المكلفة بتتبع وتقييم تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، التي انعقدت الأسبوع الماضي، برئاسة سعد الدين العثماني رئيس الحكومة إلى جانب عدد من الوزراء والمسؤولين.
ويتضمن المحور الأول الخاص بالتعليم إجراءات عديدة؛ من بينها تيسير بعض المواد التعليمية في سلك التعليم الأولي والابتدائي باعتماد التعبيرات الأمازيغية المتداولة في بعض المناطق بجهات المملكة، واعتماد الأمازيغية في معاهد تكوين الموارد البشرية لفائدة الإدارة العمومية.
وفي المحور الثاني الخاص بإدماج الأمازيغية في مجال التشريع والتنظيم والعمل البرلماني، تضمن المخطط الحكومي تدبيرا واحدا يتعلق بنشر الإدارات للنصوص التشريعية والتنظيمية ذات الصبغة العامة باللغة الأمازيغية بالجريدة الرسمية.
أما في مجال الإعلام والاتصال، فيشير مشروع المخطط الحكومي إلى إدماج الأمازيغية في مختلف وسائل الإعلام العمومية والخاصة في إطار اتفاقيات الدعم المخصص من طرف الدولة ودفاتر التحملات.
كما سيتم بموجب هذا المخطط بث الخطب والرسائل الملكية والتصريحات الرسمية للمسؤولين العموميين على القنوات التلفزيونية والإذاعية العمومية الأمازيغية مصحوبة بترجمتها الشفاهية أو الكتابية إلى اللغة الأمازيغية.
على مستوى القضاء، يتضمن مشروع المخطط الحكومي إجراء يقضي بتوفير الترجمة خلال إجراءات التحقيق والترافع وتقديم الشهادات وإجراءات التبليغ والطعون والتنفيذ مع إمكانية النطق بالأحكام باللغة الأمازيغية.
وحسب نص المشروع، سيتم تحرير البيانات المضمنة في الوثائق الرسمية باللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة الأمازيغية، إضافة إلى القطع والأوراق النقدية والطوابع البريدية وأختام الإدارات العمومية، والوثائق والشهادات التي يسلمها ضباط الحالة المدنية والصادرة عن السفارات والقنصليات المغربية.
ولم يلق مشروع المخطط صدى إيجابيا لدى نشطاء الحركة الأمازيغية، خصوصا أنه يأتي في آخر عمر الحكومة الحالية وعشر سنوات بعد تنصيص دستور 2011 على أن الأمازيغية لغة رسمية للدولة إلى جانب اللغة العربية.
وقال المحامي والناشط الأمازيغي أحمد أرحموش إن هذا “المشروع غارق في العموميات والشعارات والوعود الطوباوية وجرى إنجازه بشكل بيروقراطي وخارج أي تشاور مع نشطاء وفعاليات الحركة الأمازيغية والحقوقية المعنية”.
وأضاف أرحموش، في تصريح لهسبريس، أن “هذا المشروع كان سيشكل رسالة لبداية التفاهم لو تم اعتماده في زمنه التشريعي لسنة 2012 على الأقصى للانتهاء من محطاته التأسيسية على الأقل في أفق 2027، وليس كما أريد له الآن أن يكون مخطط لزمن قد يتجاوز سنة 2050”.
وأوضح الفاعل الحقوقي أن هذا المخطط “تم إعداده خارج الزمن الدستوري والمؤسساتي، خصوصا بالنظر إلى اختصاصات وأدوار المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الذي لا يزال في غرفة الإنعاش، ناهيك عن غياب أي دراسة الجدوى أو حصيلة أو تقييم لما هو قائم على أرض الواقع”.
كما اعتبر المتحدث أن مشروع المخطط الحكومي “متعدد الرؤوس ولا يسمح بتحديد المسؤوليات والمحاسبة، وعدد من مواده غير قابل للتطبيق، ناهيك عن كونه غير منسجم ولا يستحضر ما تتطلبه منهجية الاندماج”.