تبوأ المغرب منصبا ساميا جديدا ضمن المؤسسات الدولية، بعد انتخابه، في شخص عبد الوهاب البلوقي، سفير المغرب لدى هولندا، رئيسا للمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) ومقرها لاهاي، لمدة سنة، تبتدئ من 12 ماي المقبل وتنتهي يوم 11 ماي 2022.

انتخاب المغرب رئيسا للمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، جاء بفضل التأييد الذي حظي به ترشحه من قبل مجموعة الدول الإفريقية الأطراف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.

في هذا الحوار الخاص مع جريدة هسبريس الإلكترونية، يتحدث السفير عبد الوهاب البلوقي، الذي يشغل أيضا منصب ممثل المغرب الدائم لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، عن المسار الذي قطعه المغرب ليتبوّأ رئاسة المجلس التنفيذي لهذه المنظمة، ويرى أن انتخابه يجسّد احتراما من المجتمع الدولي للسياسة المغربية في إفريقيا، ويعكس كون المغرب فرض احترامه على الصعيد الدولي ويحظى بتقدير الفاعلين في كل المنظمات الدولية.

كيف جاء انتخاب المغرب رئيسا للمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية؟

ترشيح المغرب تم باقتراح من طرف مجموعة الدول الإفريقية الأطراف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، بحكم السياسة المغربية تجاه القارة الإفريقية، والاهتمام القوي الذي يوليه جلالة الملك نصره الله لسياسة بلدنا تجاه دول القارة، وكذا سياسات التعاون التي ينهجها بلدنا في مجالات متعددة، والزيارات المكثفة التي قام بها جلالة الملك إلى عدد من الدول الإفريقية، والاستثمارات المغربية والشراكات التي بناها المغرب مع هذه الدول في مختلف المجالات.

كذلك، المغرب يلعب دورا كبيرا لكي يكون شريكا ذا مصداقية، شريكا يعمل من أجل مصلحة بلدنا ومصلحة القارة الإفريقية، كما أن علاقات الشراكة بين المغرب ومنظمة حظر الأسلحة الكيمائية هي علاقات مكثفة، حيث نظم المغرب كثيرا من المؤتمرات والاجتماعات، سواء في ميادين تقوية القدرات الإفريقية أو النظر في كيفية استعمال الكيمياء النظيفة في التنمية الاقتصادية، وكذلك الحرص على عدم عودة الأسلحة الكيميائية في أي منطقة في العالم.

ما هي الأهداف التي تشتغل عليها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية؟

في السنة المقبلة، ستحتفل المنظمة بالذكرى الخامسة والعشرين لتأسيسها، وهذه الذكرى مهمة جدا، ويتم التحضير لها عبر عدد من الفعاليات من أجل التعريف بالدور الذي تلعبه في نزع الأسلحة الكيمائية، وإعطاء دور للكيمياء في التنمية الاقتصادية.

الهدف الأسمى والاستراتيجي لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، هو بناء عالم خالٍ من هذه الأسلحة. حاليا تم تدمير نسبة 98 في المئة من الأسلحة الكيميائية في العالم بأسره، والمنظمة تحرص وتتتبّع عن كثب هذا الملف حتى نصل إلى تدمير 100 في المئة من الأسلحة الكيميائية.

منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تتبع أيضا مدى احترام الدول الأعضاء لالتزاماتها، وتقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي لأي تهديد ناشئ عن الأسلحة الكيميائية.

ما هي الركائز التي تقوم عليها اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية؟

الاتفاقية تقوم على أربعة ركائز، أولاها نزع وتدمير الأسلحة الكيميائية ووحدات إنتاج هذه الأسلحة في العالم بأسره، وهناك جهود للحد من انتشار الأسلحة الكيميائية في إطار المساعي المبذولة لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل. الركيزة الثانية هي التصدي لعودة هذه الأسلحة، لأن هناك مجموعات إرهابية تحاول أن يكون لديها سلاح كيميائي واستعماله في هجماتها الإرهابية.

الركيزة الثالثة تتعلق بالمساعدات وعلاقات التعاون والشراكات مع الدول من أجل حمايتها ومساعدتها على مواجهة أي هجوم كيميائي، واتخاذ الإجراءات المناسبة، وحمايتها من الأضرار الخطرة لأي حادث من هذا القبيل.

الركيزة الرابعة هي التنمية الاقتصادية، حيث تطالب الدول النامية بالكيمياء الخضراء التي تلعب دورا كبيرا في التنمية، وهذه الدول تحاول استعمال الكيمياء النظيفة التي لا تُلحق أي أضرار بالبيئة.

أشير هنا إلى أن اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية تضم 193 بلدا طرفا، وهناك أربع دول لم تنضم إليها بعد، ونحن ننادي بعالمية الاتفاقية، لكي يتم تدمير هذه الأسلحة في جميع بلدان العالم.

ماذا استفاد المغرب من انضمامه إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية؟

المغرب استفاد كثيرا من الاتفاقية قبل رئاسته للجنة التنفيذية، وسيستفيد منها بعد الرئاسة. هناك شراكة مهمة مكثفة مع الاتفاقية، وهذا المعطى أكده المدير العام للمنظمة مؤخرا حين قال إن المغرب يوجد ضمن قائمة عشر دول أطراف في الاتفاقية من ناحية التعاون والشراكة مع المنظمة.

السلطة الحكومية في المغرب تدبّر التعاون القائم مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بمعية المتدخلين في هذا المجال، تحت رئاسة وزارة الخارجية، وهناك تواصل وحضور للوفود المغربية التي تتابع مؤتمرات المنظمة، وكذا أشغالها التي تتم هنا في لاهاي.

المغرب حاضر بقوة في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ويطوِّر كل سنة ما يمكن أن يستفيد منه من المنظمة، وأيضا يتقاسم تجربته مع الدول الإفريقية كثيرا، لأن هذا يدخل ضمن التعاون جنوب-جنوب، الذي جعل منه المغرب أحد الأعمدة الأساسية لسياسته الخارجية.

المغرب يؤكد دائما ضرورة احترام اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وضرورة تقيد الدول الأطراف بالتزاماتها، وكان هدفه من الانضمام إلى الاتفاقية هو مساعدة المجتمع الدولي لإنشاء عالم خال من الأسلحة الكيميائية، واستعمال الكيمياء من أجل التنمية.

كيف تقرؤون انتخاب المغرب، في شخصكم، رئيسا للمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية؟

علينا أن نعرف أن المغرب حين انتخب رئيسا للمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيمائية، فهذا يعكس احتراما للسياسة الإفريقية لبلدنا في إفريقيا، واحترام الدور الذي يلعبه الوفد المغربي لدى المنظمة هنا في لاهاي.

المغرب كان نائب رئيس مؤتمر الدول الأطراف في 2015، وفي 2017 أصبح رئيسا للمؤتمر، ثم في 2020 كان نائبا لرئيس المجلس التنفيذي، والآن تبوّأ منصب رئيس المجلس التنفيذي من ماي 2021 إلى ماي 2022.

هذا يدل على أن المغرب فرض احترامه على الصعيد الدولي، ويؤكد كذلك التقدير الذي يحظى به من لدن كل الفاعلين في المنظمات الدولية، لأنه ينتهج سياسة حكيمة رشيدة ومواقف متزنة لتحقيق الأهداف المنشودة في هذه المنظمة الدولية.

hespress.com