مُنيت جبهة “البوليساريو” الانفصالية، على مدار سنة 2020، بهزائم دبلوماسية متتالية عجّلت بإقبار وهم انفصال الصحراء مقابل تكريس التجسيد الفعلي لمقترح الحكم الذاتي من خلال إطلاق دبلوماسية القنصليات بالأقاليم الجنوبية بتعليمات ملكية.
وفي ظرف هذه السنة التي نودعها، نجحت الدبلوماسية المغربية في افتتاح 19 قنصلية عامة في مدينتي العيون والداخلة، تمثل دولا من القارة الإفريقية والقارة الآسيوية والقارة الأمريكية؛ فيما يرتقب أن تتواصل دينامية دبلوماسية القنصليات في العام المقبل، خصوصا بعد الافتتاح المرتقب لقنصلية الولايات المتحدة الأمريكية بعد أسابيع.
وفشلت الجزائر وجنوب إفريقيا في ثني عشرات الدول الإفريقية عن افتتاح بعثاتها الدبلوماسية بالأقاليم الجنوبية، على الرغم من قيام الخارجية الجزائرية باستدعاء بعض سفراء الدول الإفريقية للتعبير عن غضبها من افتتاح بلدانهم قنصليات بالصحراء.
ولم تتمكن جنوب إفريقيا، من خلال الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي أو لمجلس الأمن، من انتزاع موقف إفريقي أو أممي لإدانة خطوة افتتاح القنصليات بالصحراء المغربية وعملية تحرير معبر الكركرات وصولا إلى الاعتراف التاريخي لدونالد ترامب بمغربية الصحراء.
وشكل تحرير معبر الكركرات من قبل القوات المسلحة الملكية الحدث الأبرز في سنة 2020 على مستوى إخفاقات جبهة البوليساريو، إذ تمكن المغرب بعد ضبط نفس طويل من وضع حد لأعمال زعزعة الاستقرار غير المشروعة والخطيرة التي مست المعبر الحدودي الرابط بين المغرب وموريتانيا.
وفي وقت راهنت جبهة “البوليساريو” على التعاطف الدولي بعد طرد ميليشياتها من الكركرات، أيدت 75 دولة من مختلف مناطق العالم العملية السلمية التي قامت بها القوات المسلحة الملكية وثمنت إعادة فتح معبر الكركرات أمام الحركة المدنية والتجارية. وبالمقابل، لم يؤيد أيّ بلد في العالم أعمال زعزعة الاستقرار التي قامت بها الجبهة الانفصالية، باستثناء الجزائر.
وأسقطت عملية تحرير معبر الكركرات وهم “الأراضي المحررة”، التي راهنت عليها الجبهة الانفصالية منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق وموافقة المغرب على تسليم جزء من أراضيه إلى الأمم المتحدة من أجل إنجاح هذا الاتفاق.
وفضح التدخل المغربي في الكركرات خطابات جبهة “البوليساريو” بعدما تحوّلت بلاغاتها “الحربية” إلى أضحوكة أمام العالم؛ وهو ما زاد من تكريس عزلتها وتزايد الغضب الداخلي في مخيمات تندوف.
وعلى مستوى مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، كرس قرار 30 أكتوبر 2020، رقم 2548، عزلة جبهة “البوليساريو” الانفصالية، مجدداً للمرة الخامسة على التوالي التأكيد على أولوية المسلسل السياسي للموائد المستديرة باعتباره الإطار الوحيد والأوحد من أجل التوصل إلى حل سياسي نهائي.
وعلى الرغم من محاولة اعتبار نفسها طرفاً ملاحظاً، فإن القرار ذاته أكد، مرة أخرى، مسؤولية الجزائر المباشرة في نزاع الصحراء المغربية، بذكرها خمس مرات في نص القرار الذي دعا الجارة الشرقية إلى الالتزام في مسلسل الموائد المستديرة كطرف أساسي؛ ما كرس الطابع الإقليمي للنزاع حول الصحراء المغربية.
ويُعتبر قرار اعتراف الولايات المتحدة الأمريكي، أعظمَ قوة في العالم والعضو الدائم في مجلس الأمن و”الحامل للقلم” في صياغة القرارات المتعلقة بالصحراء، تطوراً تاريخياً في تجسيد السيادة الفعلية على مغربية الصحراء. ويُرتقب أن يتلو هذا القرار سحب عدد من الدول اعترافها بـ”الجمهورية الوهمية”، بعد الوعود التي قدمتها واشنطن إلى الرباط في هذا الصدد.