البوليس السياسي في المغرب!!


نوفل البعمري


الخميس 21 يناير 2021 – 01:29

في كل الخرجات الإعلامية التي يقدمها بعض الأشخاص ممن تمت متابعتهم قضائيا أو شكلوا موضوع شبهة ارتكاب جنح وجنايات يجرمها القانون الجنائي، إلا وتجدهم يصرون على إضفاء طابع سياسي عليها وإدخالها في باب الانتقام السياسي، وليس تهما ذات طابع جنحي أو جنائي.

وفي هذه الخرجات كلها، خاصة الأخيرة، من يدقق في مضمونها، سيلاحظ أن هناك إصرارا على إعطاء وصف البوليس السياسي لرجال الأمن والضابطة القضائية، خاصة الفرقة الوطنية التي تباشر مهامها في إطار القانون وتخضع إجراءاتها لمراقبة النيابة العامة، وللرقابة القضائية التي يتيح القانون الطعن فيها ومناقشة مضمونها من طرف الدفاع بكل حرية وفي إطار ما يكفله القانون المنظم للمهنة والمسطرة الجنائية.

المُلاحظ هو محالة تصوير الأمر وكأنه يتعلق بجهاز بوليسي سياسي كالذي عاشته مصر أو الذي عاشته تونس أيام بن علي. لذلك، هناك محاولة غير بريئة لتشبيه المغرب بتونس بن علي من الناحية الأمنية، لأن الجميع يعلم دور الأمن السياسي التونسي في قمع الشعب التونسي منذ تولى بن علي الحكم، وكانت صفعة منسوبة للأمن التونسي كافية لإشعال ثورة الياسمين التي انتهت إلى ما انتهت إليه مع النهضة.

لذلك، فمحاولة الترويج لمصطلح الأمن السياسي بالمغرب ليست بالأمر الاعتباطي، بل مُفكر فيها، وكثرة تكرارها في علم التواصل هدفها ترسيخ الفكرة لدى المستمعين إليهم والمتابعين لهم في وسائل التواصل الاجتماعي، أو اليوتيوبرز الذين اكتشفوا هذا الفضاء الافتراضي بعدما أصبح مدرا للدخل، والذين لن يجدوا غير سب البلد ومؤسساته من أجل رفع نسب المشاهدة وضمان مداخيل مادية إضافية ولو على حساب صورة الوطن، حتى لو كان ذلك بممارسة معارضة افتراضية غير وطنية ولا عمق مجتمعيا لها، لأن المغاربة أكثر ذكاء من أن تنطلي عليهم هذه الحيلة وهم يرون جهازهم الأمني بمختلف مستوياته، الداخلي والخارجي، يقوم بمهام وطنية كبيرة لحماية المواطنين والوطن من تجار المخدرات والإرهاب، وتوفير المعلومة في سبيل حماية المغرب من الأخطار الخارجية الحقيقية التي أصبحت تتصاعد بالتوازي مع المكاسب السياسية والدبلوماسية الكبيرة التي حققها وكان للأجهزة الأمنية الخارجية دور كبير ومساهمة وطنية حقيقية فيها إلى جانب باقي مؤسسات الدولة تحت راية الوطن بقيادة الملك.

الذي يروج لمصطلح البوليس السياسي ينسى أو يتناسى كون الأجهزة الأمنية، حتى الاستخباراتية، قد أصبحت منذ زمن بعيد تشتغل في إطار القانون، وأصبح للمنتسبين إليها الصفة الضبطية حتى تكون مختلف تدخلاتهم مؤطرة بالقانون وتحت مراقبة النيابة العامة، بمعنى أنها لا تشتغل خارج المؤسسات ولا خارج الدستور ولا خارج القانون، بل هي واحدة من علامات التقدم المنجز على مستوى الإصلاح المؤسساتي والتشريعي والقانوني الذي عاشه المغرب.

اليسار بمختلف تلاوينه السياسية والفكرية الذي تعرض لقمع حقيقي شرس سنوات السبعينات والثمانينات، لا نجد في أدبياته هذا المصطلح، مصطلح البوليس السياسي، ولا نجد في خطابه أي إشارة إلى هذا النعت أو الوصف الذي يريد البعض اليوم ممن أفلسوا سياسيا وأخلاقيا أن يلتقطوه من قاموس تونس بن علي أو مصر مبارك ليسقطوه على الوضع الأمني بالمغرب، للأسف. حتى وهم يريدون ممارسة المعارضة التي لا تليق بهم ولا بتاريخهم الذي يعلمه الجميع، أثبتوا أنهم كسالى في إنتاج الخطاب واللغة، لأن الخطاب السياسي مُعبر عن طبيعة مُنتجيه، ولهذا السبب تغلب في بداية التسعينات نوبير الأموي وهم يحاكمونه على “الوزير” زيان.

البوليس السياسي الخرجات الإعلامية القانون الجنائي جنح وجنايات

hespress.com