تأجيل آخر من المرتقب أن يطال القمة المغربية الإسبانية، فرغم حساسية الملفات العالقة حاليا بين البلدين يبدو أن البرود القائم بين مدريد والرباط مازال ساريا في ملفات عديدة، تتقدمها الصحراء والمعابر الحدودية لسبتة ومليلية.
ويبدو الدخول الأمريكي والإسرائيلي القوي إلى منطقة المغرب الكبير محيرا للإسبان، خصوصا أمام الرهان الدائم على الحضور في الصحراء المغربية، وهو ما سيضمر بتواجد قوتين اقتصاديتين هامتين على مستوى الجذب والاستثمارات.
وكان من المقرر أن يترأس رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، ونظيره المغربي سعد الدين العثماني، القمة الثنائية الثانية عشرة في الرباط يوم 17 دجنبر الماضي، لكن قبل أسبوع من انعقادها تقرر تأجيلها إلى فبراير الجاري بسبب الوضع الوبائي.
وتعيش الدبلوماسية المغربية فترة دينامية استثنائية، خصوصا على مستوى قضية الصحراء، وهو ما فاقم أزمة المعابر الحدودية بسبتة ومليلية واستدعاء السفراء داخل البلدين، لتنجلي السحب الصامتة التي أحاطت بالعلاقات لفترة ليست بالقصيرة.
حسن بلوان، الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية، اعتبر أن “الأزمة الصامتة بدأت تخرج للعلن بعد التطورات المتسارعة التي عرفها ملف الصحراء المغربية، خاصة بعد اعتراف الإدارة الأمريكية بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، ما أزعج الجارة الشمالية، وبالتالي خرجت من حيادها الإيجابي إلى حياد سلبي يعاكس المطالب المغربية المشروعة”، مؤكدا أن “تأجيل القمة المغربية الإسبانية للمرة الثانية، بعدما كانت مقررة في بداية فبراير، يؤشر بوضوح على وجود أزمة غير مسبوقة بين البلدين”.
ويظهر ذلك من خلال مجموعة من المؤشرات، وفق المصرح لهسبريس، “أولها تحفظ إسبانيا على القرار الأمريكي الذي يعترف بمغربية الصحراء، وتصريحات زعيم حزب بوديموس المعادية للمغرب، وهو النائب الثاني لرئيس الحكومة الإسبانية”.
والمؤشر الثالث، يردف بلوان، “هو استدعاء إسبانيا للسفير المغربي على خلفية تصريحات رئيس الحكومة المغربي حول سبتة ومليلية المحتلتين، ثم غلق المغرب للمعابر مع المدينتين المحتلتين، وما كانت له من تكلفة اجتماعية؛ فضلا عن تعبيره على لسان وزير الخارجية عن أنه لن يلعب دور دركي أوروبا في الهجرة”.
وأشار بلوان إلى أن “ما يزعج المغرب أكثر في هذه الملفات هو موقف إسبانيا من قضية وحدته الترابية، فقد حقق عبر سنوات من الجهود الدبلوماسية إنجازات عظيمة توجت بالقرار الأمريكي، لذلك كان يتطلع إلى موقف إسباني متوازن، إن لم يكن مساندا للموقف الأمريكي”.
“ورغم الأسباب المعلنة بشأن تأجيل القمة، والمرتبطة بجائحة كورونا، إلا أن الأمر أعمق منها، فالمغرب يضغط من أجل دفع إسبانيا إلى الانخراط الإيجابي في مسلسل الطي النهائي لملف الصحراء، على غرار باقي القوى العظمى؛ في حين تضغط هي للحفاظ على علاقاتها التقليدية معه، والتعاون في جميع الملفات دون تقديم تنازلات في ملف الصحراء، الذي تعتبره ورقة ضغط”، يختم الأستاذ الباحث.