أثير الكثير من التساؤلات بعد الخبر الحصري الذي أوردته جريدة هسبريس الإلكترونية حول منع مصطفى بكوري، مدير الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن) رئيس جهة الدار البيضاء سطات، من السفر إلى خارج البلاد.
وطالب فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب بعقد اجتماع للجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة، بحضور وزير الطاقة والمعادن والبيئة والمدير العام للوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن)، لمناقشة “مستويات مساهمة هذه الوكالة في تنزيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، وكذا مستويات إنجاز مشاريع “نور” المتعلقة بالطاقة الشمسية”.
وذكرت مصادر متطابقة أنه جرى فتح تحقيق حول اختلالات تدبيرية عدة شهدتها مشاريع استراتيجية كبرى في مجال الطاقة، وخاصة مركـب “نـور” ورزازات الذي يعد أول وأكبـر مركـب متعـدد التكنولوجيـات علـى المستـوى الدولـي.
ويولي الملك محمد السادس أهمية بالغة إلى مشاريع الطاقة الخضراء في المغرب، لكن تنزيل هذه المشاريع عرف بعض أوجه القصور كلف المغرب خسائر بملايين الدراهم، وفق ما كشف عنه تقرير سابق للمجلس الاقتصادي والبيئي.
وفي 22 أكتوبر الماضي، صدر بلاغ للديوان الملكي نبه إلى بعض التأخير الذي تعرفه استراتيجية الطاقات المتجددة في المغرب، وشدد الملك على “ضرورة العمل على استكمال هذا الورش في الآجال المحددة، وفق أفضل الظروف، وذلك من خلال التحلي بالصرامة المطلوبة”.
الرأي الذي أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في يوليوز الماضي تحت عنوان: تسريع الانتقال الطاقي من أجل وضع المغرب على مسار النمو الأخضر”، أبرز الاختلالات التي سقطت فيها المجموعة المسؤولة عن ريادة وتسيير قطاع الطاقات المتجددة في المغرب (مازن).
وعرّى تقرير المؤسسة الدستورية أوجه القصور في تنفيذ مشاريع الطاقة الكبرى بورزازات، مشيرا إلى أن العجز السنوي لوكالة “مازن” يقدر بحوالي 800 مليون درهم سجلته محطـات نـور 1 و2 و3.
وأوضح التقرير الرسمي أن هـذا العجـز يرجع إلـى الفجـوة بيـن أسـعار الشـراء بمؤشـر أسـعار المنتجين، وأسعار البيـع للمكتـب الوطنـي للكهرباء والماء الصالح للشرب. كمـا يفسَّر بالخيارات التكنولوجية المكلفة التي تم اعتمادها في المشاريع الأولى.
وجاء هذا العجز المالي الضخم رغم أن وكالة “مازن”، التي يرأسها مصطفى بكوري منذ 2010، سبـق أن حصلـت علـى قـرض هيكلـي يبلـغ 20 مليـار درهـم بضمانـة مـن الدولـة، مـن أجـل تمويـل المحطـات التـي تـم إنشـاؤها.
وأكد التقرير أن الاختلالات في التوازن المالي داخل مؤسسة “مازن”، “تدعـو الدولــة إلـى ضـرورة القيـام بتدابيـر التحكيـم اللازمة مـن أجـل تجنـب تداعيـات هـذه الاختلالات علـى ماليـة الدولـة والتأخـر المسـجل فـي تحـول قطـاع الطاقـة المغربـي وفقـدان جاذبيته بالنسـبة للمستثمرين الخـواص”.
وبحسب ما توصل إليه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فإن عقـود البرامـج الـتي كان مقـررا إبرامهـا مـع القطاعـات الحكوميـة المعنيـة لـم يتـم توقيعهـا بعـد، رغـم مـرور ثلاث سـنوات علـى انطـلاق الاستراتيجية الطاقية الوطنية.
ولفت المصدر ذاته الانتباه إلى أن نطاق مشـاريع الطاقـة الشمسـية التـي تفـوق 2 ميغـاواط، يشـهد “نوعـا مـن التعثـر، فـي غياب المرسـوم الـذي يحـدد المواقـع المخصصـة لاستقبال محطات إنتاج الطاقة الكهربائية انطلاقا من مصادر الطاقة الشمسـية”.
ويرتبط تطويــر هـذه المشـاريع بتحديــد وتأهيــل المواقــع التــي يمكــن أن تحتضــن محطــات الطاقـة الشمسـية التــي يجــب أن تدرسها وكالــة “مــازن”، وفقــا للقانــون 37.16 القاضــي بتغييــر وتتميــم القانون رقم 57.09 المحدثة بموجبه الشركة المسماة “الوكالة المغربية للطاقة الشمسية”.
وجاء في تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنه علـى الرغـم مـن تطـور سـياق قطـاع الطاقـة الوطنيـة علـى مـدى السنوات العشر الماضية، إلا أن تحديـد نطـاق أنشـطة بعـض الهيئات ما يـزال غيـر واضـح المعالـم، “ممـا يـؤدي إلـى مخاطـر تداخل الاختصاصات، كمـا هـو الشـأن بالنسـبة للوكالـة المغربيـة للنجاعة الطاقيـة وشـركة الاستثمارات الطاقيـة”.
ولاحظ المجلس أن هذه المشاريع الطاقية الكبرى لم تنعكس على حياة المواطن المغربي، مشيرا إلى أنه منذ سنة 2009 لم تشهد أسـعار الكهربـاء أي انخفـاض، بـل علـى العكـس، تـم القيـام بمراجعـة للأسعار أدت إلـى زيـادة يتـم تطبيقهـا علـى 4 سـنوات، وذلـك بموجـب عقـد برنامـج بيـن الدولـة والمكتـب الوطنـي للكهربـاء والمـاء الصالح للشـرب لسـنوات 2014-2017.
ويرى التقرير أن “سياسـة النجاعـة الطاقيـة، التـي كان مـن المفـروض أن تقلـص مـن تكاليـف الطاقـة، لـم يكـن لهـا الأثر المتوقـع علـى القدرة الشرائية للمواطنين”.