"التطبيع والاعتراف ".. والإنعاش الاقتصادي والجزائر


عبد اللطيف مجدوب


الإثنين 21 دجنبر 2020 – 00:53

التطبيع وأبعاده الاقتصادية

شهد المغرب؛ في الآونة الأخيرة؛ حدثين سياسيين على مستوى كبير من الأهمية الاسترتيجية، تمثلا وبشكل متزامن في الاعتراف الأمريكي بمغربية صحرائه في الأقاليم الجنوبية، ومن ثم توجهه الرامي إلى منح الحكم الذاتي لهذه الأقاليم تحت السيادة المغربية أولا؛ وتطبيع علاقاته مع إسرائيل مع صيانة حقوق الشعب الفلسطيني ثانيا.

لسنا هنا بصدد نقاش الزوبعة الإعلامية التي أثارها هذان الحدثان؛ كمواقف سياسية وردود فعل من بعض البلدان والحكومات، أو لزوم الحذر والتوجس من قبل بعض الدول المجاورة؛ في أوروبا وإفريقيا، إلى حين مرور الزوبعة، لكننا سنبحث في الأبعاد الاقتصادية لهذين الحدثين ولو على المدى القصير.

فبالنظر إلى الزخم الاقتصادي الذي سيرافق كلا من التطبيع والاعتراف في المناطق الجنوبية وعائداته المنتظرة، سيجد المغرب نفسه في وضعية جيوسترتيجية مريحة إزاء إعادة النظر في كل الاتفاقيات وبروتوكلات التعاون التي تربطه بدول الاتحاد الأروبي، وعلى رأسها الصيد البحري والحوامض.. لنشير إلى أن المغرب كان؛ في مفاوضاته السابقة بشأن تحيين هذه الاتفاقيات أو تجديدها؛ ينطلق من موقف ضعف بلامبالاة الاتحاد الأروبي تجاه دعم وحدة المغرب الترابية وسيادته على الأقاليم الصحروية، فضلا عن الخسائر الفادحة التي كان يتكبدها من عائداته في قطاعي الصيد والحوامض، فمعدلات أسعار البضائع المغربية إلى بعض الدول الأروبية كانت متدنية قياسا مع سوق الاتحاد الأوروبي، بغض النظر عن معايير الجودة والتسويق.

لكن؛ وفي أفق مستقبل هذين القطبين السياسيين؛ التطبيع والاعتراف؛ ستعرف الشراكة المغربية توسعا في استقطاب مزيد من المستثمرين والمنافسين الاقتصاديين، وعلى رأسهم بعض دول الخليج، وأمريكا وإسرائيل التي تنوي إرساء مشاريع ببنيات ضخمة، سواء في مدينتي الداخلة أو العيون، وهو ما سيفتح أمام المغرب آفاقا واعدة في الرفع من مستوى فرص التشغيل وسط الشباب المغاربة، والتخفيض من نسب البطالة، ومن المنتظر أن يكون إبرام هذه الاتفاقيات من جانب المغرب مشروطة ببعض البنود؛ منها المساهمة في تنمية أقاليمه الجنوبية، وتوسيع قاعدة التشغيل، علاوة عن المساهمة في حماية وتأمين المناخ السياسي في تلك الربوع.

وضعية الجزائر إزاء هذا التطبيع والاعتراف

حكام الجزائر؛ حتى لا نقول الشعب الجزائري الشقيق؛ ما زالوا يركنون؛ في تدبيرهم السياسي تجاه السيادة المغربية على ترابه في الأقاليم الصحراوية؛ إلى نظرة سياسوية ماضوية تعتمد الانتظارات وتغير المعطيات لصالحهم، وهي نظرة عرجاء لم تجلب لهم؛ على مدى قرابة الأربعين سنة؛ سوى النكسات السياسية والديبلوماسية؛ الواحدة تلو الأخرى، فضلا عن الأعباء الاقتصادية والعسكرية التي يتحملها بإيوائه للجمهورية الوهمية.

وفي ظل هذه المستجدات السياسية الأخيرة، من المنتظر أن تندحر فلول البوليساريو.. وسيصبح المغرب في موقف قوي للتفاوض بشأن رسم معالم الحكم الذاتي لأقاليمه الجنوبية، كما ستجد الجزائر نفسها مجبرة على الدخول طرفا في هذه المفاوضات، بعد أن تنزع عنها قناع “الحيادية” الذي تخفت من ورائه لأزيد من أربعة عقود، وستتركز مفاوضات الحكم الذاتي على ساكنة الصحراويين من ذوي أصول مغربية، لا المرتزقة الذين وصلوا مخيمات تيندوف فارين من العدالة التي كانت تلاحقهم في بلدانهم الإفريقية أو العربية، وسيكون على الجزائر التفاوض بمبدأ لا غالب ولا مغلوب والاحتكام إلى منطق الاقتصاد الذي يذوب الحزازات السياسوية، ويساهم في السلم الاجتماعي.

hespress.com