دخل القانون رقم 15.18 المتعلق بالتمويل التعاوني حيز التنفيذ بعد نشره في العدد 6967 من الجريدة الرسمية، الصادرة الأسبوع الجاري، ليفتح إمكانية جمع الأموال من لدن المجهور رقميا بهدف تمويل المشاريع الاستثمارية المبتكرة.
وأصبح المغرب من الدول الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تقنن عمليات التمويل التعاوني المعروفة دوليا باسم “Crowdfunding”، التي تستقطب استثمارات مالية كبيرة في عدد من الدول.
وينظم القانون الجديد نشاط جمع تمويلات عبر منصة رقمية تحدث لهذا الغرض لفائدة مشاريع، ربحية أو غير ربحية، في حدود 10 ملايين درهم في السنة الواحدة، و20 مليون درهم كمبلغ إجمالي.
ويعرف النص التمويل التعاوني بكونه عملية جمع أموال من الجمهور تقوم بها شركة للتمويل التعاوني من خلال إقامة علاقة بين حاملي مشاريع معينة وأشخاص يرغبون في تمويلها عبر منصة إلكترونية تحدث لهذا الغرض.
ويمكن أن تتخذ عمليات التمويل التعاوني شكل عملية استثمار، أو قرض بفائدة أو بدونها، أو تبرع، ويجب أن تنجز المشاريع الممولة فوق التراب الوطني، بما في ذلك مناطق التسريع الصناعي. كما يمكن لهذه المشاريع أن تقام في بلد أجنبي وتحرر بعملات أجنبية.
وسيراقب هذا النظام التمويلي الجديد كل من بنك المغرب من خلال تتبع عمليات القرض والتبرع، والهيئة المغربية لسوق الرساميل من خلال مراقبة عمليات الاستثمار في رأس المال. ومن المنتظر أن تصدر نصوص تنظيمية توضح شروط وكيفيات إنجاز كل عملية على حدة، كما سيعقب ذلك منح التراخيص للشركات.
وتحدد المقتضيات الجديدة إطارا تنظيميا شاملا لأنشطة التمويل التعاوني، يتضمن إنشاء نظام تسيير المنصات من طرف شركة خاصة لهذا الغرض، كما تنص على ذلك التزامات شركة التمويل التعاوني، لاسيما في ما يتعلق بإعلام الجمهور والدعاية وإعداد التقارير.
ويوضح النص أن الأموال المدفوعة من طرف المساهمين برسم عملية للتمويل التعاوني لا تعتبر أموالا متلقاة من الجمهور كما يعرفها القانون البنكي، كما لا تطبق مقتضيات قانون البورصة على عمليات التمويل التعاوني من فئة الاستثمار.
ويواجه كل من خالف مقتضيات هذا القانون الجديد عقوبات حبسية تتراوح ما بين 6 أشهر وثلاث سنوات وغرامات مالية ابتداء من 50 ألف درهم، ويمكن أن تبلغ 1 مليون درهم حسب نوع المخالفة.
وما يعاب إلى حد الساعة على هذا القانون الجديد كونه اعتمد صيغة تمويل المشروع لمرة واحدة وبسقف مالي محدد، في وقت تتيح فيه بعض الدول أنماطا مستدامة للتمويل لدعم المشاريع الاستثمارية المبتكرة وسقفا أعلى للتمويلات.
ويعول المغرب على التمويل التعاوني كآلية تمويل مبتكرة لتعبئة موارد مالية إضافة لفائدة الشركات الصغيرة والشباب حاملي المشاريع المبتكرة، إلى جانب آليات التمويل التقليدية، كما تتيح هذه الآلية لأبناء الجالية إمكانية دعم مشاريع التنمية في بلادهم.
وتضم التركيبة العملية لتقنية التمويل التعاوني حامل المشروع، أي كل شخص أو مجموعة أشخاص ذاتيين أو اعتباريين يعرضون مشروعا على منصة للتمويل التعاوني بهدف الحصول على تمويل تعاوني.
وبالإضافة إلى حامل المشروع، هناك شركة التمويل التعاوني، وهي شركة تجارية معتمدة نشاطها الرئيسي هو تسيير منصة أو أكثر للتمويل التعاوني؛ ناهيك عن منصة التمويل التعاوني، وهي موقع إلكتروني يربط بين حاملي مشاريع ومساهمين من أجل إنجاز إحدى عمليات التمويل التعاوني.
جدير بالذكر أن الإحصائيات المتعلقة بالتمويل التعاوني على الصعيد الدولي تشير إلى أن هذا القطاع يشهد نموا سريعا، بحيث فاق حجم تمويلاته 35 مليار دولار سنة 2017، مقابل 1.5 مليار دولار فقط سنة 2011.
ووفق بعض التوقعات، سيصل حجم سوق التمويل التعاوني العالمي إلى 140 مليار دولار قبل متم سنة 2022، وتسجل أعلى نسب نمو أنشطته في الدول الآسيوية بمعدلات سنوية تتجاوز 200 في المائة، وخاصة في الصين.